دخلت لبعد ما بين الكفر وخلق السماوات والأرض.
وعلى ذلك جرى الزمخشري في مواضع كثيرة من الكشاف، كقوله تعالى: * (لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى) *.
وقوله: * (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا) *، قال: كلمة التراخي دلت على تباين المنزلتين; دلالتها على تباين الوقتين، في " جاءني زيد ثم عمرو - أعني أن منزلة الاستقامة على الخبر مباينة لمنزلة أهل الخير نفسه; لأنها أعلى منها وأفضل.
ومنه قوله تعالى: * (إنه فكر وقدر. فقتل كيف قدر. ثم قتل كيف قدر) * إن قلت: ما معنى " ثم الداخلة " في تكرير الدعاء؟ قلت: الدلالة على أن الكرة الثانية من الدعاء أبلغ من الأولى) *.
وقوله: * (ثم كان من الذين آمنوا) *، قال: جاء ب " ثم " لتراخي الإيمان وتباعده في الرتبة والفضيلة على العتق والصدقة، لا في الوقت، لأن الإيمان هو السابق المقدم على غيره.
وقال الزمخشري في قوله تعالى: * (ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا) *: إن " ثم " [هذه] فيها من تعظيم منزلة النبي صلى الله عليه وسلم وإجلال محله والإيذان بأنه أولى وأشرف ما أوتى خليل الله [إبراهيم من الكرامة، وأجل ما أوتى من النعمة أتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم] في ملته.
واعلم أنه بهذا التقدير يندفع الاعتراض بأن " ثم " قد تخرج عن الترتيب والمهلة وتصير كالواو; لأنه إنما يتم على أنها تقتضي الترتيب الزماني لزوما، أما إذا قلنا: إنها ترد