ألا ترى أن الرجل إذا امتحن بإرهاق ظالم، نهضت جماعة وافرة من أهل بلده بشفاعته رحمة له، وإن لم يسبق له بأكثرهم معرفة! وأما الصديق فأعز من بيض الأنوق. وعن بعض الحكماء أنه سئل عن الصديق، فقال: اسم لا معنى له.
ويجوز أن يريد بالصديق الجمع.
* * * وقال السهيلي في،، الروض الأنف،،: إذا قلت: عبيد ونخيل، فهو اسم يتناول الصغير والكبير من ذلك الجنس; قال الله تعالى: * (وزرع ونخيل) *، وقال: * (وما ربك بظلام للعبيد) *; وحين ذكر المخاطبين منهم قال: " العباد "، ولذلك قال حين ذكر التمر من النخيل: * (والنخل باسقات) *، و * (أعجاز نخل منقعر) *، فتأمل الفرق بين الجمعين في حكم البلاغة، واختيار الكلام!
وأما في مذهب اللغة، فلم يفرقوا هذا التفريق، ولا نبهوا على هذا المعنى الدقيق.
* * * ومنها اختلاف الجمعين في قوله تعالى: * (أيود أحدكم أن تكون له جنة) * إلى قوله: * (وله ذرية ضعفاء) *.
وقال: * (وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا) *.
فأما وجه التفرقة بين الجمع في الموضعين، وكذلك قوله: * (ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن) * إلى قوله: * (أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بنى إخوانهن) *