الشك في تبصرهم بعد ما مضى كلامه على التقرير، وهو مثبت وجواب السؤال " بلى "، فلما أدركه الشك في تبصرهم، قال: * (أنا خير) *.
وسأل ابن طاهر شيخه أبا القاسم بن الرماك: لم لم يجعل سيبويه أم متصله؟ أي " أفلا " تبصرون أم تبصرون " أي أي هذين كان منكم؟ فلم يحر جوابا، وغضب وبقى جمعة لا يقرر حتى استعطفه.
والجواب من وجهين: أحدهما أنه ظن أنهم لا يبصرون، فاستفهم عن ذلك، ثم ظن أنهم يبصرون، لأنه معنى قوله: * (أم أنا خير من) *، فأضرب عن الأول واستفهم، وكذلك: أزيد عندك أم لا؟.
والثاني: أنه لو كان الإبصار وعدمه متعادلين لم يكن للبدء بالنفي معنى، فلا يصح إلا أن تكون منقطعة.
وقد تحتمل المتصلة والمنقطعة، كما قال في قوله تعالى: * (أم تريدون كيدا) *.
قال الواحدي: إن شئت جعلت قبله استفهاما رد عليه، وهو قوله: * (ألم تعلم) * وإن شئت منقطعة عما قبلها مستأنفا بها الاستفهام، فيكون استفهاما متوسطا في اللفظ، مبتدأ في المعنى، كقوله تعالى: * (أليس لي ملك مصر...) * الآية، ثم قال: * (أم أنا خير) *. انتهى.
والتحقيق ما قاله أبو البقاء: إنها هاهنا منقطعة; إذ ليس في الكلام همزة تقع موقعها، وموقع " أم " " أيهما " والهمزة في قوله: * (ألم تعلم) *، ليست من " أم " في شئ، والتقدير:
بل أتريدون أن تسألوا؟ فخرج ب " أم " من كلام إلى آخر.