ومنه قوله تعالى: * (ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق) *، فإنه يحتمل أن يكون " تكتموا " مجزوما; فهو مشترك مع الأول في حرف النهى; والتقدير:
لا تلبسوا ولا تكتموا، أي لا تفعلوا هذا، كما في قولك: لا تأكل السمك وتشرب اللبن، بالجزم. أي لا تفعل واحدا من هذين. ويحتمل أن يكون منصوبا، والتقدير:
لا تجمعوا بين هذين، ويكون مثل لا تأكل السمك وتشرب اللبن، والمعنى: لا تجمعوا بين هذين الفعلين القبيحين، كما تقول لمن لقيته: أما كفاك أحدهما حتى جمعت بينهما!
وليس في هذا إباحة أحدهما. والأول أظهر.
وقوله: * (ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة) *، أي ما لم يكن أحد الأمرين: المس أو الفرض المستلزم; لعدم كل منهما، أي لا هذا ولا هذا; فإن وجد أحدهما فعليكم الجناح، وهو المهر أو نصف المفروض، و " تفرضوا " مجزوم عطفا على " تمسوهن ".
وقيل: نصب، و " أو " بمعنى " إلا أن ".
والصحيح الأول; ولا يجوز تقدير " لم " بعد " أو " لفساد المعنى، إذ يؤول إلى رفع الجناح عند عدم المس مع الفرض وعدمه. وعند عدم الفرض مع المس وعدمه. وليس كذلك; ولا يقدر فيما انتفى أحدهما، للزوم نفى الجناح عند نفى أحدهما ووجود الآخر، فلا بد من المحافظة على أحدهما على الإبهام وانسحاب حكم " لم " عليه.
نظيره: * (ولا تطع منهم آثما أو كفورا) *.
وقوله: * (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام) *: