والثاني: لا تفيده; بل تقتضي الدوام والاستمرار، وبه جزم ابن معط في ألفيته; حيث قال:
* وكان للماضي الذي ما انعطفا * وقال الراغب في قوله تعالى: * (وكان الشيطان لربه كفورا) *: نبه بقوله:
" كان " على أنه لم يزل منذ أوجد منطويا على الكفر.
الثالث: أنه عبارة عن وجود الشئ في زمان ماض على سبيل الإبهام; وليس فيه دليل على عدم سابق، ولا على انقطاع طارئ، ومنه قوله تعالى: * (وكان الله غفورا رحيما) *، قاله الزمخشري في قوله تعالى: * (كنتم خير أمة أخرجت للناس) *.
وذكر ابن عطية في سورة الفتح أنها حيث وقعت في صفات الله فهي مسلوبة الدلالة على الزمان.
والصواب من هذه المقالات مقالة الزمخشري، وأنها تفيد اقتران معنى الجملة التي تليها بالزمن الماضي لا غير، ولا دلالة لها نفسها على انقطاع ذلك المعنى ولا بقائه; بل إن أفاد الكلام شيئا من ذلك كان لدليل آخر.
إذا علمت هذا فقد وقع في القرآن إخبار الله تعالى عن صفاته الذاتية وغيرها بلفظ " كان " كثيرا، نحو: * (وكان الله سميعا عليما) *. * (واسعا حكيما) *.