أن يضمر بالقول المجادل به البيان أحد حرفيه; كقول الفقيه: النبيذ مسكر فهو حرام، وكقوله تعالى: * (إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا) *.
وقد يكون هذا الإضمار في القياس الاستثنائي هذا أيضا; كقولك: لو كان فلان عزيزا لمنع بأعنة الخيل جاره، أو جوادا لشب لساري الليل ناره، معولا على أنه قد علم أنه ما منع ولا شب، فيثبت بذلك مقابله وهو البخل والذلة; ومن هذا قوله تعالى: * (ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك) *; وقد شهد الحس والعيان انهم ما انفضوا من حوله وهي المضمرة، فانتفى عنه صلوات الله عليه أنه فظ غليظ القلب.
ومن أحسن ما أبر فيه هذا المضمر قول الشاعر:
- ولو كان عبد الله مولى هجوته * ولكن عبد الله مولى مواليا - ومثال الاستمالة والاستعطاف قوله تعالى عن آدم: * (ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين) *. وحسبك إمام المتقين حين سمع شعر القائلة:
- ما كان ضرك لو مننت وربما * من الفتى وهو المغيظ المحنق - قال: " لو بلغني شعرها قبل أن أقتله لما قتلته "، وقال الآخر:
- ونحن الكاتبون وقد أسأنا * فهبنا للكرام الكاتبينا -