الذي تولاه الصحابة رضوان الله عليهم. وأما الجمع الآخر فضم الآي بعضها إلى بعض، وتعقيب القصة بالقصة، فذلك شئ تولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما أخبر به جبريل عن أمر ربه عز وجل. وكذا قال: الكرماني في البرهان: ترتيب السور هكذا هو عند الله وفى اللوح المحفوظ، وهو على هذا الترتيب كان يعرض عليه السلام على جبريل كل سنة ما كان يجتمع عنده منه، وعرض عليه في السنة التي توفى فيها مرتين.
وذهب جماعة من المفسرين إلى أن قوله تعالى: * (فأتوا بعشر سور) * معناه مثل البقرة إلى سور هود، وهي العاشرة. ومعلوم أن سورة هود مكية، وأن البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنفال والتوبة مدنيات نزلت بعدها.
وفسر بعضهم قوله: * (ورتل القرآن ترتيلا) * أي أقرأه على هذا الترتيب من غير تقديم ولا تأخير. وجاء النكير على من قرأه معكوسا. ولو حلف أن يقرأ القرآن على الترتيب لم يلزم إلا على هذا الترتيب. ولو نزل القرآن جملة واحدة كما اقترحوا عليه لنزل على هذا الترتيب; وإنما تفرقت سوره وآياته نزولا، لحاجة الناس إليها حالة بعد حالة; ولأن فيه الناسخ والمنسوخ، ولم يكن ليجتمعا نزولا. وأبلغ الحكم في تفرقه ما قال سبحانه: * (وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث) * وهذا أصل بنى عليه مسائل كثيرة.
وقال القاضي أبو بكر بن الطيب: فإن قيل: قد اختلف السلف في ترتيب القرآن، فمنهم من كتب في المصحف السور على تاريخ نزولها، وقدم المكي على المدني. ومنهم جعل من أوله:
* (اقرأ باسم ربك) *; وهو أول مصحف على، وأما مصحف ابن مسعود، فأوله * (مالك يوم الدين) * ثم البقرة، ثم النساء على ترتيب مختلف. وفى مصحف أبى كان أوله الحمد، ثم