كما قال الله تعالى: * (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن) * وقال تعالى: * (إنا أنزلناه في ليلة القدر) *، ثم كان ينزل مفرقا على رسول الله صلى الله عليه وسلم مدة حياته عند الحاجة; كما قال تعالى: * (وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا) * فترتيب النزول غير ترتيب التلاوة; وكان هذا الاتفاق من الصحابة سببا لبقاء القرآن في الأمة، ورحمة من الله على عباده، وتسهيلا وتحقيقا لوعده بحفظه; كما قال تعالى: * (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) * وزال بذلك الاختلاف، واتفقت الكلمة.
قال أبو عبد الرحمن السلمي: كانت قراءة أبى بكر وعمر وعثمان وزيد بن ثابت والمهاجرين والأنصار واحدة، كانوا يقرءون القراءة العامة، وهي القراءة التي قرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم على جبريل مرتين في العام الذي قبض فيه، وكان زيد قد شهد العرضة الأخيرة، وكان يقرئ الناس بها حتى مات، ولذلك اعتمده الصديق في جمعه، وولاه عثمان كتبة المصحف.
وقال أبو الحسين بن فارس في " المسائل الخمس " جمع القرآن على ضربين: أحدهما تأليف السور، كتقديم السبع الطوال وتعقيبها بالمئين; فهذا الضرب هو الذي تولته الصحابة، وأما الجمع الآخر - وهو جمع الآيات في السور - فهو توقيفي تولاه النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال الحاكم في المستدرك: وقد روى حديث عبد الرحمن بن شماس عن زيد بن ثابت قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم نؤلف القرآن من الرقاع... الحديث، قال:
وفيه البيان الواضح أن جمع القرآن لم يكن مرة واحدة، فقد جمع بعضه بحضرة النبي