الرجال، حتى وجدت آخر التوبة * (لقد جاءكم) * مع أبي خزيمة الأنصاري الذي جعل النبي صلى الله عليه وسلم شهادته بشهادة رجلين، لم أجدها مع أحد غيره فألحقتها في سورتها، فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه الله، ثم عند عمر حتى قبض، ثم عند حفصة بنت عمر.
وفى رواية ابن شهاب: وأخبرني خارجة بن زيد سمع زيد بن ثابت يقول:
فقدت آية من الأحزاب حين نسخنا المصحف; قد كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بها، لم أجدها مع أحد إلا مع خزيمة الأنصاري * (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه) * فألحقناها في سورتها. وخزيمة الأنصاري شهادته بشهادتين.
وقول زيد: " لم أجدها إلا مع خزيمة " ليس فيه إثبات القرآن بخبر الواحد; لأن زيدا كان قد سمعها وعلم موضعها في سورة الأحزاب بتعليم النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك غيره من الصحابة ثم نسيها، فلما سمع ذكره. وتتبعه للرجال كان للاستظهار، لا لاستحداث العلم. وسيأتي أن الذين كانوا يحفظون القرآن من الصحابة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة; والمراد: أن هؤلاء كانوا اشتهروا به فقد ثبت أن غيرهم حفظه، وثبت أن القرآن مجموعة محفوظ كله صدور الرجال أيام حياة النبي صلى الله عليه وسلم، مؤلفا على هذا التأليف، إلا سورة براءة.
قال ابن عباس: قلت لعثمان: ما حملكم أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني، وإلى براءة وهي من المئين; فقرنتم بينهما، ولم تكتبوا بينهما سطر * (بسم الله الرحمن الرحيم) *؟
قال عثمان: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يأتي عليه الزمان وتنزل عليه السور، وكان إذا نزل عليه شئ دعا بعض من كان يكتبه فقال: ضعوا هذه الآيات في السورة