وقال الحليمي: قد ذكرنا أخبار تدل على جوار المفاضلة بين السور والآيات.
وقال الله تعالى: * (نأت بخير منها أو مثلها) *; ومعنى ذلك يرجع إلى أشياء:
أحدها أن تكون آيتا عمل ثابتتان في التلاوة; إلا أن إحداهما منسوخة والأخرى ناسخة، فنقول: إن الناسخ خير، أي أن العمل بها أولى بالناس وأعود عليهم، وعلى هذا فيقال: آيات الأمر والنهى والوعد والوعيد خير من آيات القصص لأن القصص إنما أريد بها تأكيد الأمر والنهى والتبشير، ولا غنى بالناس عن هذه الأمور، وقد يستغنون عن القصص، فكل ما هو أعود عليهم وانفع لهم مما يجرى مجرى الأصول خير لهم مما يحصل تبعا لما لا بد منه.
والثاني أن يقال: إن الآيات التي تشتمل على تعديد أسماء الله تعالى وبيان صفاته والدلالة على عظمته وقدسيته لو أفضل أو خير; بمعنى أن مخبراتها أسنى وأجل قدرا.
والثالث أن يقال: سورة خير من سورة، أو آية خير من آية; بمعنى أن القارئ يتعجل بقراءتها فائدة سوى الثواب الآجل، ويتأدى منه بتلاوتها عبادة، كقراءة آية الكرسي، وسورة الإخلاص، والمعوذتين; فإن قارئها يتعجل بقراءتها الاحتراز مما يخشى، والاعتصام بالله جل ثناؤه، ويتأدى بتلاوتها منه لله تعالى عبادة، لما فيها من ذكر اسم الله تعالى جده بالصفات العلا على سبيل الاعتقاد لها وسكون النفس إلى فضل الذكر وبركته; فأما آيات الحكم فلا يقع بنفس تلاوتها إقامة حكم، وإنما يقع بها علم.
قال: ثم لو قيل في الجملة: إن القرآن خير من التوراة والإنجيل والزبور، بمعنى أن التعبد بالتلاوة والعمل واقع به دونها، والثواب بحسب بقراءته لا بقراءتها، أو أنه من