اخراجه بالاجتهاد والإجماع; كما حكاه القاضي أبو بكر في " مختصر التقريب "; لأن دخول السبب قطعي. ونقل بعضهم الاتفاق على أن لتقدم السبب على ورود العموم أثرا.
ولا التفات إلى ما نقل عن بعضهم من تجويز اخراج محل السبب بالتخصيص لأمرين:
أحدهما أنه يلزم منه تأخير البيان عن وقت الحاجة، ولا يجوز. والثاني أن فيه عدولا عن محل السؤال; وذلك لا يجوز في حق الشارع; لئلا يلتبس على السائل. واتفقوا على أنه تعتبر النصوصية في السبب من جهة استحالة تأخير البيان عن وقت الحاجة; و تؤثر أيضا فيما وراء محل السبب; وهو إبطال الدلالة على قول، والضعف على قول.
ومن الفوائد أيضا دفع توهم الحصر; قال الشافعي ما معناه في معنى قوله تعالى: * (قل لا أجد فيما أوحى إلى محرما...) * الآية: إن الكفار لما حرموا ما أحل الله، وأحلوا ما حرم الله، وكانوا على المضادة والمحادة جاءت الآية مناقضة لغرضهم; فكأنه قال:
لا حلال إلا ما حرمتموه; ولا حرام إلا ما أحللتموه; نازلا منزلة من يقول: لا تأكل اليوم حلاوة; فتقول: لا آكل اليوم إلا الحلاوة; والغرض المضادة لا النفي والإثبات على الحقيقة; فكأنه قال: لا حرام إلا ما حللتموه من الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به، ولم يقصد حل ما وراءه; إذا القصد إثبات التحريم لا إثبات الحل.
قال إمام الحرمين: " وهذا في غاية الحسن; ولولا سبق الشافعي إلى ذلك لما كنا