العاشر: أنها كالمهيجة لمن سمعها من الفصحاء، والموقظة بعد للهمم الراقدة من البلغاء لطلب التساجل، والأخذ في التفاضل، وهي بمنزلة زمجرة الرعد قبل الناظر في الأعلام لتعرف الأرض فضل الغمام، وتحفظ ما أفيض عليها من الإنعام. وما هذا شأنه خليق بالنظر فيه والوقوف على معانيه بعد حفظ مبانيه.
الحادي عشر: التنبيه على أن تعداد هذه الحروف ممن لم يمارس الخط، ولم يعان الطريقة، على ما قال تعالى: * (وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون.
الثاني عشر: انحصارها في نصف أسماء حروف المعجم، لأنها أربعة عشر حرفا على ما سبق تفصيله; وهذا واضح على من عد حروف المعجم ثمانية وعشرين حرفا، وقال " لا " مركبة من اللام والألف; والصحيح أنها تسعة وعشرون حرفا، والنطق " بلا " في الهجاء كالنطق في " لا رجل في الدار "، وذلك لأن الواضع جعل كل حرف من حروف المعجم صدر اسمه إلا الألف، فإنه لما لم يمكن أن يبتدأ به لكونه مطبوعا على السكون فلا يقبل الحركة أصلا توصل إليه باللام; لأنها شابهته الذي في الاعتداد والانتصاب، ولذلك يكتب على صورة الألف إلا إذا اتصل بما بعده.
فإن قلت: فقد تقدم اسم الألف في أول حروف الهجاء؟ قلت: ذلك اسم الهمزة لوجهين: أحدهما أنه صدره، والثاني أنها صدر ما تصدر من حروف المعجم لتكون صورته ثلاثا; وإنما كانت صدره لأن صورتها كالمتكررة أربع مرات; لأنها تلبس صورة العين وصورة الألف والواو والياء لما يعرض من الحركة والسكون، ولذلك أخروا ما بعد الطاء