الثالث: أنها الدائرة من الحروف التسعة والعشرين; فليس منها حرف إلا وهو مفتاح اسم من أسمائه عز وجل، أو آلائه، أو بلائه، أو مدة أقوام أو آجالهم، فالألف سنة، واللام ثلاثون سنة، والميم أربعون; روى عن الربيع بن أنس. قال ابن فارس: وهو قول حسن لطيف، لأن الله تعالى أنزل على نبيه الفرقان، فلم يدع نظما عجيبا، ولا علما نافعا إلا أودعه إياه، علم ذلك من علمه، وجهله من جهله.
الرابع: ويروى عن ابن عباس أيضا في قوله تعالى: * (الم) *. أنا الله أعلم، وفى * (المص) * أنا الله أفضل، و * (الر) * أنا الله أرى، ونحوه من دلالة الحرف الواحد على الاسم العام، والصفة التامة.
الخامس: أنها أسماء للسور ف * (الم) * اسم لهذه، و * (حم) * اسم لتلك، وذلك أن الأسماء وضعت للتمييز; فهكذا هذه الحروف وضعت لتمييز هذه السور من غيرها، ونقله الزمخشري عن الأكثرين وأن سيبويه نص عليه في كتابه. وقال الإمام فخر الدين:
هو قول أكثر المتكلمين. فإن قيل: فقد وجدنا * (الم) * افتتح بها عدة سور، فأين التمييز؟
قلنا: قد يقع الوفاق بين اسمين لشخصين ثم يميز بعد ذلك بصفة وقعت، كما يقال:
زيد وزيد، ثم يميزان بأن يقال: زيد الفقيه، وزيد النحوي، فكذلك إذا قرأ القارئ:
* (ألم. ذلك الكتاب) * فقد ميزها عن * (آلم) *. الله لا إله إلا هو الحي القيوم) *.
السادس: أن لكل كتاب سرا، وسر القرآن فواتح السور، قال ابن فارس: وأظن قائل ذلك أراد أنه من السر الذي لا يعلمه إلا الله والراسخون في العلم. واختاره جماعة، منهم أبو حاتم بن حبان.