ثم قال: " ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين " فلما أن أم بالجميع (1) إلى اللحم قال: " أحلت لكم بهيمة الأنعام " فجمعها بلحم واحد لتقارب منافعها كتقارب لحم الضأن والمعز. وقال في موضع آخر: " ولحم طير مما يشتهون (2) " وهذا جمع طائر الذي هو الواحد، لقوله تعالى:
" ولا طائر يطير بجناحيه (3) " فجمع لحم الطير كله باسم واحد. وقال هنا: " لحما طريا " فجمع أصناف السمك بذكر واحد، فكان صغاره ككباره في الجمع بينهما. وقد روى عن ابن عمر أنه سئل عن لحم المعز بلحم الكباش أشئ واحد؟ فقال لا، ولا مخالف له فصار كالاجماع، والله أعلم. ولا حجة للمخالف في نهيه صلى الله عليه وسلم عن بيع الطعام إلا مثلا بمثل، فإن الطعام في الاطلاق يتناول الحنطة وغيرها من المأكولات ولا يتناول اللحم، ألا ترى أن القائل إذا قال: أكلت اليوم طعاما لم يسبق الفهم منه إلى أكل اللحم، وأيضا فإنه معارض بقوله صلى الله عليه وسلم: " إذا اختلف الجنسان فبيعوا كيف شئتم " وهذان جنسان، وأيضا فقد اتفقنا على جواز بيع اللحم بلحم (4) الطير متفاضلا لا لعلة أنه بيع طعام لا زكاة له بيع بلحم ليس فيه الزكاة، وكذلك بيع السمك بلحم الطير متفاضلا.
الثانية - وأما الجراد فالمشهور عندنا جواز بيع بعضه ببعض متفاضلا. وذكر عن سحنون أنه يمنع من ذلك، وإليه مال بعض المتأخرين ورآه مما يدخر.
الثالثة - لاختلف العلماء فيمن حلف ألا يأكل لحما، فقال ابن القاسم: يحنث بكل نوع من هذه الأنواع الأربعة. وقال أشهب في المجموعة. يحنث إلا بكل لحوم الانعام دون الوحش وغيره، مراعاة للعرف والعادة، وتقديما لها على إطلاق اللفظ اللغوي، وهو (5) أحسن.
الرابعة - قوله تعالى: (وتستخرجوا منه حلية تلبسونها) يعنى به اللؤلؤ والمرجان، لقوله تعالى: " يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان (2) ". وإخراج الحلية إنما هي فيما عرف من الملح فقط. وقال: إن في الزمرد بحريا. وقد خطئ الهذلي في قوله في وصف الدرة: