قوله تعالى: (قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم) وذلك أنهم دخلوه غدوة وبعثهم الله في آخر النهار، فقال رئيسهم يمليخا أو مكسلمينا: الله اعلم بالمدة.
قوله تعالى: (فابعثوا أحدكم بورقكم هذا إلى المدينة) فيه سبع مسائل:
الأولى - قال ابن عباس: كانت ورقهم كأخفاف الربع (1)، ذكره النحاس. وقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر والكسائي وحفص عن عاصم " بورقكم " بكسر الراء. وقرأ أبو عمرو وحمزة وأبو بكر عن عاصم " بورقكم " بسكون الراء، حذفوا الكسرة لثقلها، وهما لغتان.
وقرأ الزجاج " بورقكم " بكسر الواو وسكون الراء. ويروى أنهم انتبهوا جياعا، وأن المبعوث هو يمليخا، كان أصغرهم، فيما ذكر الغزنوي. والمدينة: أفسوس ويقال هي طرسوس، وكان اسمها في الجاهلية أفسوس، فلما جاء الاسلام سموها طرسوس. وقال ابن عباس:
كان معهم دراهم عليها صورة الملك الذي كان في زمانهم.
الثانية - قوله تعالى: (فلينظر أيها أزكى طعاما) قال ابن عباس: أحل ذبيحة، لان أهل بلدهم كانوا يذبحون على اسم الصنم: وكان فيهم قوم يخفون إيمانهم. ابن عباس:
كان عامتهم مجوسا. وقيل: " أزكى طعاما " أي أكثر بركة. قيل: إنهم أمروه أن يشترى ما يظن أنه طعام اثنين أو ثلاثة لئلا يطلع عليهم، ثم إذا طبخ كفى جماعة، ولهذا قيل: ذلك الطعام الأرز. وقيل: " كان زبيبا. وقيل: تمرا، فالله أعلم. وقيل: " أزكى " أطيب.
وقيل: أرخص. (فليأتكم برزق منه) أي بقوت. (وليتلطف) أي في دخول المدينة وشراء الطعام. (ولا يشعرن بكم أحدا) أي لا يخبرن. وقيل: إن ظهر عليه فلا يوقعن إخوانه فيما وقع فيه. (إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم) قال الزجاج: معناه بالحجارة، وهو أخبت القتل. وقيل: يرموكم بالسب والشتم، والأول أصح، لأنه كان عازما على قتلهم كما تقدم في قصصهم. والرجم فيما سلف هي كانت على ما ذكر قبله [عقوبة (2)] مخالفة دين الناس، إذ هي أشفى لجملة أهل ذلك الدين من حيث إنهم يشتركون فيها.