من حديث ابن عباس. وأما ثعلبة البناء الكثير على نحو ما كانت الجاهلية تفعله تفخيما وتعظيما فذلك يهدم ويزال، فإن فيه استعمال زينة الدنيا في أول منازل الآخرة، وتشبها بمن كان يعظم القبور ويعبدها. وباعتبار هذه المعاني وظاهر النهى أن ينبغي أن يقال: هو حرام. والتسنيم في القبر: ارتفاعه قدر شبر، مأخوذ من سنام البعير. ويرش عليه بالماء لئلا ينتثر بالريح.
وقال الشافعي لا بأس أن يطين القبر. وقال أبو حنيفة: لا يجصص القبر ولا يطين ولا يرفع عليه بناء فيسقط. ولا بأس بوضع الأحجار لتكون علامة، لما رواه أبو بكر الأثرم قال:
حدثنا مسدد حدثنا نوح بن دراج عن أبان بن تغلب عن جعفر بن محمد قال: كانت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم تزور قبر حمزة بن عبد المطلب كل جمعة وعلمته بصخرة، ذكره أبو عمر.
وأما الجائزة - فالدفن في التابوت، وهو جائز لا سيما في الأرض الرخوة. روى أن دانيال صلوات الله عليه كان في تابوت من حجر، وأن يوسف عليه السلام أوصى بأن يتخذ له تابوت من زجاج ويلقى في ركية (1) مخافة أن يعبد، وبقى كذلك إلى زمان موسى صلوات الله عليهم أجمعين، فدلته عليه عجوز فرفعه ووضعه في حظيرة إسحاق عليه السلام. وفى الصحيح عن سعد ابن أبي وقاص أنه قال في مرضه الذي هلك فيه: اتخذوا لي لحدا وانصبوا على اللبن نصبا، كما صنع برسول الله صلى الله عليه وسلم. اللحد: هو أن يشق في الأرض ثم يحفر قبر آخر في جانب الشق من جانب القبلة إن كانت الأرض صلبة يدخل فيه الميت ويسد عليه باللبن.
وهو أفضل عندنا من الشق، لأنه الذي اختاره الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم. وبه قال أبو حنيفة قال: السنة اللحد. وقال الشافعي: الشق. ويكره الآجر في اللحد. وقال الشافعي:
لا بأس به لأنه نوع من الحجر. وكرهه أبو حنيفة وأصحابه، لان الآجر لاحكام البناء، والقبر وما فيه للبلى، فلا يليق به الاحكام. وعلى هذا يسوى بين الحجر والآجر. وقيل: إن الآجر أثر النار فيكره تفاؤلا، فعلى هذا يفرق بين الحجر والآجر. قالوا: ويستحب اللبن والقصب لما روى أنه وضع على قبر النبي صلى الله عليه وسلم حزمة من قصب. وحكى عن الشيخ الامام