وقرأ ابن عامر " تزور " مثل تحمر. وحكى الفراء " تزوار " مثل تحمار، كلها بمعنى واحد.
(وإذا غربت تقرضهم) قرأ الجمهور بالتاء على معنى تتركهم، قاله مجاهد. وقال قتادة:
تدعهم. النحاس: وهذا معروف في اللغة، حكى البصريون أنه يقال: قرضه يقرضه إذا تركه، والمعنى: أنهم كانوا لا تصيبهم شمس ألبتة كرامة لهم، وهو قول ابن عباس. يعنى أن الشمس إذا طلعت مالت عن كهفهم ذات اليمين، أي يمين الكهف، وإذا غربت تمر بهم ذات الشمال، أي شمال الكهف، فلا تصيبهم في ابتداء النهار ولا في آخر النهار. وكان كهفهم مستقبل بنات نعش في أرض الروم، فكانت الشمس تميل عنهم طالعة وغاربة وجارية لا تبلغهم لتؤذيهم بحرها، وتغير ألوانهم وتبلى ثيابهم. وقد قيل: إنه كان لكهفهم حاجب من جهة الجنوب، وحاجب من جهة الدبور وهم في زاويته. وذهب الزجاج إلى أن فعل الشمس كان آية من الله، دون أن يكون باب الكهف إلى جهة توجب ذلك. وقرأت فرقة " بقرضهم " بالياء من القرض وهو القطع، أي يقطعهم الكهف بظله من ضوء الشمس.
وقيل: " وإذا غربت تقرضهم " أي يصيبهم يسير منها، مأخوذ من قارضة الذهب والفضة، أي تعطيهم الشمس اليسير من شعاعها. وقالوا: كان في مسها لهم بالعشي إصلاح لأجسادهم.
وعلى الجملة فالآية في ذلك أن الله تعالى آواهم إلى كهف هذه صفته لا إلى كهف آخر يتأذون فيه بانبساط الشمس عليهم في معظم النهار. وعلى هذا فيمكن أن يكون صرف الشمس عنهم بإظلال غمام أو سبب آخر. والمقصود بيان حفظهم عن تطرق البلاء وتغير الأبدان والألوان إليهم، والتأذي بحر أو برد. (وهم في فجوة منه) أي من الكهف والفجوة المتسع، وجمعها فجوات وفجاء، مثل ركوة وركاء وركوات وقال الشاعر:
ونحن ملأنا كل واد وفجوة * رجالا وخيلا غير ميل (1) ولا عزل أي كانوا بحيث يصيبهم نسيم الهواء. (ذلك من آيات الله) لطف بهم. وهذا يقوى قول الزجاج. وقال أهل التفسير: كانت أعينهم مفتوحة وهم نائمون، فكذلك كان الرائي يحسبهم أيقاظا. وقيل: تحسبهم أيقاظا وقيل: (تحسبهم أيقاظا) لكثرة تقلبهم كالمستيقظ في مضجعه. و (أيقاظا)