الله بما آتاه. وقال ابن عطية: كان أبى رضي الله عنه يقول في قوله " أحسن عملا ":
أحسن العمل أخذ بحق وإنفاق في حق مع الايمان وأداء الفرائض واجتناب المحارم والاكثار من المندوب إليه.
قلت: هذا قول حسن، وجيز في ألفاظه بليغ في معناه، وقد جمعه النبي صلى الله عليه وسلم في لفظ واحد وهو قوله لسفيان بن عبد الله الثقفي لما قال: يا رسول الله، قل لي في الاسلام قولا لا أسأل عنه أحدا بعدك - في رواية: غيرك. قال: " قل آمنت بالله ثم استقم " خرجه مسلم. وقال سفيان الثوري: " أحسن عملا " أزهدهم فيها. وكذلك قال أبو عصام العسقلاني: " أحسن عملا " أترك لها. وقد اختلفت عبارات العلماء في الزهد، فقال قوم: قصر الامل وليس بأكل الخشن ولبس العباء، قاله سفيان الثوري.
قال علماؤنا: وصدق رضي الله عنه لان من قصر أمله لم يتأنق في المطعومات ولا يتفنن في الملبوسات، وأخذ من الدنيا ما تيسر، واجتزأ منها بما يبلغ. وقال قوم: بغض المحمدة وحب الثناء. وهو قول الأوزاعي ومن ذهب إليه. وقال قوم: ترك الدنيا كلها هو الزهد، أحب تركها أم كره. وهو قول فضيل. وعن بشر بن الحارث قال: حب الدنيا حب لقاء الناس، والزهد في الدنيا الزهد في لقاء الناس. وعن الفضيل أيضا: علامة الزهد في الدنيا الزهد في الناس. وقال قوم: لا يكون الزاهد زاهدا حتى يكون ترك الدنيا أحب إليه من أخذها، قال إبراهيم بن أدهم. وقال قوم: الزهد أن تزهد في الدنيا بقلبك، قاله ابن المبارك.
وقالت فرقة: الزهد حب الموت. والقول الأول يعم هذه الأقوال بالمعنى فهو أولى.
قوله تعالى: وإنا لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا (8) تقدم (1) بيانه. وقال أبو سهل: ترابا لا نبات به، كأنه قطع نباته. والجرز: القطع، ومنه سنة جرز (2). قال الراجز:
* قد جرفتهن السنون الأجراز *