تفسير القرطبي - القرطبي - ج ١٠ - الصفحة ٣٥٢
المعنى: مستقيم (1)، أي مستقيم الحكمة لا خطأ فيه ولا فساد ولا تناقض. وقيل: " قيما " على الكتب السابقة يصدقها. وقيل: " قيما " بالحجج أبدا. " عوجا " مفعول به، والعوج (بكسر العين) في الدين والرأي والامر والطريق. وبفتحها في الأجسام كالخشب والجدار، وقد تقدم (2). وليس في القرآن عوج، أي عيب، أي ليس متناقضا مختلفا، كما قال تعالى:
" ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا (3) " وقيل: أي لم يجعله مخلوقا، كما روى عن ابن عباس في قوله تعالى " قرآنا عربيا غير ذي عوج (4) قال: غير مخلوق. وقال مقاتل:
" عوجا " اختلافا و. قال الشاعر:
أدوم بودى للصديق تكرما * ولا خير فيمن كان في الود أعوجا (لينذر بأسا شديدا) أي لينذر محمد أو القرآن. وفيه إضمار، أي لينذر الكافرين عقاب الله. وهذا العذاب الشديد قد يكون في الدنيا وقد يكون في الآخرة. (من لدنه) أي من عنده وقرأ أبو بكر عن عاصم " من لدنه " بإسكان الدال وإشمامها الضم وكسر النون، والهاء موصولة بياء. والباقون " لدنه " بضم الدال وإسكان النون وضم الهاء. قال الجوهري:
وفى " لدن " ثلاث لغات: لدن، ولدى، ولد. وقال:
* من لد لحييه إلى منحوره * المنحور لغة المنحر.
قوله تعالى: (ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم) أي بأن لهم.
(أجرا حسنا) وهي الجنة. (ماكثين) دائمين. (فيه أبدا) لا إلى غاية. وإن حملت التبشير على البيان لم يحتج إلى الباء في " بأن ". والاجر الحسن: الثواب العظيم الذي يؤدى إلى الجنة.

(1) أي معنى قوله " قيما ".
(2) راجع ج 4 ص 154.
(3) راجع ج 5 ص 288.
(4) راجع ج 15 ص 252 (5) هذا عجز بيت لغيلان بن حريث. وصيره كما فيا للسان:
* يستوعب البوعين من جريرة * والمنحور (بالحاء المهملة وضم الميم) لغة في النحر، وهو الصدر. وقد وردت هذه الكلمة في الأصول وصحاح الجوهري واللسان مادة " نخر "، ولدن " بالخاء المعجمة، وهو الانف. وقد استدرك عليه ابن بري فقال: وصواب إنشاده كما أنشده سيبويه " إلى منحوره " بالحاء. وصف الشاعر بعيرا أو فرسا بطول العنق، فجعله يستوعب من حبله الذي يوثق به مقدار باعين فيما بين لحييه ونحره: الباع. والجرير: الحبل.
(٣٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 347 348 349 350 351 352 353 354 355 356 357 ... » »»
الفهرست