وقراءة العامة " علمت " بفتح التاء خطابا لفرعون. وقرأ الكسائي بضم التاء، وهي قراءة على [بن أبي طالب (1)] رضي الله عنه، وقال: والله ما علم عدو الله ولكن موسى هو الذي يعلم، فبلغت ابن عباس فقال: إنها " لقد علمت "، واحتج بقوله تعالى: " وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا (2) ". ونسب فرعون إلى العناد. وقال أبو عبيد: والمأخوذ به عندنا فتح التاء، وهو الأصح للمعنى الذي احتج به ابن عباس، ولأن موسى لا يحتج بقوله: علمت أنا، وهو الرسول الداعي، ولو كان مع هذا كله تصح به القراءة عن علي لكانت حجة، ولكن لا تثبت عنه، إنما هي عن كلثوم المرادي وهو مجهول لا يعرف، ولا نعلم أحدا قرأ بها غير الكسائي.
وقيل: إنما أضاف موسى إلى فرعون العلم بهذه المعجزات، لان فرعون قد علم مقدار ما يتهيأ للسحرة فعله، وأن مثل ما فعل موسى لا يتهيأ لساحر، وأنه لا يقدر على فعله إلا من يفعل الأجسام ويملك السماوات والأرض. وقال مجاهد: دخل موسى على فرعون في يوم شات وعليه قطيفة له، فألقى موسى عصاه فإذا هي ثعبان، فرأى فرعون جانبي البيت بين فقميها، ففزع وأحدث في قطيفته. [الفقم بالضم (3) اللحى، وفى الحديث " من حفظ ما بين فقميه " أي ما بين لحييه]. (وأنى لأظنك يا فرعون مثبورا) الظن هنا بمعنى التحقيق. والثبور:
الهلاك والخسران أيضا. قال الكميت:
ورأت قضاعة في الأيا * من رأى مثبور وثابر أي مخسور وخاسر، يعنى في انتسابها إلى اليمن. وقيل: ملعونا. رواه المنهال عن سعيد بن جبير عن ابن عباس. وقال أبان بن تغلب. وأنشد:
يا قومنا لا تروموا حربنا سقها * إن السفاه وإن البغى مثبور أي ملعون. وقال ميمون بن مهران عن ابن عباس: " مثبورا " ناقص العقل. ونظر المأمون رجلا فقال له: يا مثبور، فسأل عنه قال. قال الرشيد قال المنصور لرجل: مثبور، فسألته فقال: حدثني ميمون بن مهران... فذكره. وقال قتادة هالكا. وعنه أيضا والحسن