قوله تعالى: (أفأمنتم أن يخسف بكم جانب البر) بين أنه قادر على هلاكهم في البر وإن سلموا من البحر. والخسف: أن تنهار الأرض بالشئ، يقال: بئر خسيف إذا انهدم أصلها. وعين خاسف أي غارت حدقتها في الرأس. وعين من الماء خاسفة أي غار ماؤها.
وخسفت الشمس أي غابت (1) عن الأرض. وقال أبو عمرو: والخسيف البئر التي تحفر في الحجارة فلا ينقطع ماؤها كثرة. والجمع خسف. وجانب البر: ناحية الأرض، وسماه جانبا لأنه يصير بعد الخسف جانبا. وأيضا فإن البحر جانب والبر جانب. وقيل: إنهم كانوا على ساحل البحر، وساحله جانب البر، وكانوا فيه آمنين من أهوال البحر، فحذرهم ما أمنوه من البر كما حذرهم ما خافوه من البحر. (أو يرسل عليكم حاصبا) يعنى ريحا شديدة، وهي التي ترمى بالحصباء، وهي الحصى الصغار، قاله أبو عبيدة والقتبي. وقال قتادة: يعنى حجارة من السماء تحصبهم، كما فعل بقوم لوط. ويقال للسحابة التي ترمى بالبرد: صاحب، وللريح التي تحمل التراب والحصباء حاصب وحصبة أيضا. قال لبيد:
جرت عليها أن خوت من أهلها * أذيالها كل عصوف حصبه وقال الفرزدق:
مستقبلين شمال الشام يضربنا * بحاصب كنديف القطن منثور (ثم لا تجدوا لكم وكيلا) أي حافظا ونصيرا يمنعكم من بأس الله.
قوله تعالى: أم أمنتم إن يعيدكم فيه تارة أخرى فيرسل عليكم قاصفا من الريح فغيركم بما كفرتم ثم لا تجدوا لكم علينا به تبيعا (69) قوله تعالى: (أم أمنتم أن يعيدكم فيه تارة أخرى) يعنى في البحر. (فيرسل عليكم قاصفا من الريح) القاصف: الريح الشديدة التي تكسر بشدة، من قصف الشئ يقصفه، أي كسره بشدة. والقصف: الكسر، يقال: قصفت الريح السفينة. وريح قاصف: