جعلنا لكم فيها معايش وعبيدا وإماء ودواب وأولادا نرزقهم ولا ترزقونهم. ف " من " على هذا التأويل في موضع نصب، قال معناه مجاهد وغيره. وقيل: أراد به الوحش. قال سعيد: قرأ علينا منصور " ومن لستم له برازقين " قال: الوحش. ف " من " على هذا تكون لما لا يعقل، مثل " فمنهم من يمشى على بطنه " الآية. وهي في محل خفض عطفا على الكاف والميم في قوله: " لكم ". وفيه قبح عند البصريين، فإنه لا يجوز عندهم عطف الظاهر على المضمر إلا بإعادة حرف الجر، مثل مررت به وبزيد. ولا يجوز مررت به وزيد إلا في الشعر. كما قال:
فاليوم قربت تهجونا وتشتمنا * فاذهب فما بك والأيام من عجب وقد مضى هذا المعنى في " البقرة (1) " وسورة " النساء (2) ".
قوله تعالى: (وإن من شئ إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم (21) قوله تعالى: (وإن من شئ إلا عندنا خزائنه) أي وإن من شئ من أرزاق الخلق ومنافعهم إلا عندنا خزائنه، يعنى المطر المنزل من السماء، لان به نبات كل شئ. قال الحسن:
المطر خزائن كل شئ. وقيل: الخزائن المفاتيح، أي في السماء مفاتيح الأرزاق، قاله الكلبي.
والمعنى واحد. (وما ننزله إلا بقدر معلوم) أي ولكن لا ننزله إلا على حسب مشيئتنا وعلى حسب حاجة الخلق إليه، كما قال: " ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ولكن ينزل بقدر ما يشاء (4) ". وروى عن ابن مسعود والحكم بن عتيبة وغيرهما إنه ليس عام أكثر مطرا من عام، ولكن الله يقسمه كيف شاء، فيمطر قوم ويحرم آخرون، وربما كان المطر. في البحار والقفار.
والخزائن جمع الخزانة، وهو الموضع الذي يستر فيه الانسان ماله والخزانة أيضا مصدر خزن يخزن. وما كان في خزانة الانسان كان معدا له. فكذلك ما يقدر عليه الرب