كذلك كان كافرا، لان المعاريض لا سلطان للاكراه عليها. مثاله - أن يقال له: أكفر بالله فيقول باللاهي، فيزيد الياء. وكذلك إذا قيل له: أكفر بالنبي فيقول هو كافر بالنبي، مشددا وهو المكان المرتفع من الأرض (1). ويطلق على ما يعمل من الخوص شبه المائدة، فيقصد أحدهما بقلبه ويبرأ من الكفر ويبرأ من إثمه. فإن قيل له: أكفر بالنبئ (مهموزا) فيقول هو كافر بالنبئ يريد بالمخبر، أي مخبر كان كطليحة (2) ومسلمة الكذاب. أو يريد به النبئ الذي قال فيه الشاعر:
فأصبح رتما دقاق الحصى * مكان النبئ من الكاثب (3) الثامنة عشرة - أجمع العلماء على أن من أكره على الكفر فاختار القتل أنه أعظم أجرا عند الله ممن اختار الرخصة. واختلفوا فيمن أكره على غير القتل من فعل ما لا يحل له، فقال أصحاب مالك: الاخذ بالشدة في ذلك واختيار القتل والضرب أفضل عند الله من الاخذ بالرخصة، ذكره ابن حبيب وسحنون. وذكر ابن سحنون عن أهل العراق أنه إذا تهدد بقتل أو قطع أو ضرب يخاف منه التلف فله أن يفعل ما أكره عليه من شرب خمر أو أكل خنزير، فان لم يفعل حتى قتل خفنا أن يكون آثما لأنه كالمضطر. وروى خباب بن الأرت قال:
شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة فقلت:
ألا تستنصر لنا ألا تدعو لنا؟ فقال: " قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض فيجعل فيها فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيجعل نصفين ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه فما يصده ذلك عن دينه والله ليتمن هذا الامر (4) حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون ". فوصفه صلى الله عليه وسلم هذا عن الأمم السالفة على جهة المدح لهم والصبر على المكروه في ذات الله، وأنهم لم يكفروا في الظاهر وتبطنوا الايمان ليدفعوا العذاب عن أنفسهم. وهذه حجة من آثر الضرب