التاسعة - وأما نكاح المكره، فقال سحنون: أجمع أصحابنا على إبطال نكاح المكره والمكرهة، وقالوا: لا يجوز المقام عليه، لأنه لم ينعقد. قال محمد بن سحنون: وأجاز أهل العراق نكاح المكره، وقالوا: لو أكره على أن ينكح امرأة بعشرة آلاف درهم، وصداق مثلها ألف درهم، أن النكاح جائز وتلزمه الألف ويبطل الفضل. قال محمد: فكما أبطلوا الزائد على الألف فكذلك يلزمهم إبطال النكاح بالاكراه. وقولهم خلاف السنة الثابتة في حديث خنساء بنت خذام الأنصارية، ولامره صلى الله عليه وسلم بالاستئمار في أبضاعهن، وقد تقدم، فلا معنى لقولهم.
العاشرة - فان وطئها المكره على النكاح غير مكره على الوطئ والرضا بالنكاح لزمه النكاح عندنا على المسمى من الصداق ودرئ عنه الحد. وإن قال: وطئتها على غير رضا مني بالنكاح فعليه الحد والصداق المسمى، لأنه مدع لابطال الصداق المسمى، وتحد المرأة إن أقدمت وهي عالمة أنه مكره على النكاح. وأما المكرهة على النكاح وعلى الوطئ فلا حد عليها ولها الصداق، ويحد الواطئ، فأعلمه. قاله سحنون.
الحادية عشرة - إذا استكرهت المرأة على الزنى فلا حد عليها، لقوله " إلا من أكره " وقوله عليه السلام: " إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه "، ولقول الله تعالى: " فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم (1) " يريد الفتيات. وبهذا المعنى حكم عمر في الوليدة التي استكرهها العبد فلم يحدها. والعلماء متفقون على أنه لا حد على امرأة مستكرهة.
وقال مالك: إذا وجدت المرأة حاملا وليس لها زوج فقالت استكرهت فلا يقبل ذلك منها وعليها الحد، إلا أن تكون لها بينة أو جاءت تدمي على أنها أوتيت (2)، أو ما أشبه ذلك. واحتج بحديث عمر بن الخطاب أنه قال: الرجم في كتاب الله حق على من زنى من الرجال والنساء إذا أحصن إذا قامت البينة، أو كان الحبل أو الاعتراف. قال ابن المنذر: وبالقول الأول أقول.