والله، إن الله يعلم ما قلت فيك من ذلك من شئ. قال عبد الملك بن حبيب: معناه أن الله يعلم أن الذي قلت، وهو في ظاهره انتفاء من القول، ولا حنث على من قال ذلك في يمينه ولا كذب عليه في كلامه. وقال النخعي: كان لهم كلام من ألغاز الايمان يدرءون به عن أنفسهم، لا يرون ذلك من الكذب ولا يخشون فيه الحنث. قال عبد الملك: وكانوا يسمون ذلك المعاريض من الكلام، إذا كان ذلك في غير مكر ولا خديعة في حق. وقال الأعمش:
كان إبراهيم النخعي إذا أتاه أحد يكره الخروج إليه جلس في مسجد بيته وقال لجاريته: قولي له هو والله في المسجد. وروى مغيرة عن إبراهيم أنه كان يجيز للرجل من البعث (2) إذا عرضوا على أميرهم أن يقول: والله ما أهتدي إلا ما سدد لي غيري، ولا أركب إلا ما حملني غيري، ونحو هذا من الكلام. قال عبد الملك: يعنى بقوله: " غيري " الله تعالى، هو مسدده وهو يحمله، فلم يكونوا يرون على الرجل في هذا حنثا في يمينه، ولا كذبا في كلامه، وكانوا يكرهون أن يقال هذا في خديعة وظلم وجحدان (3) حق فمن اجترأ وفعل أثم في خديعته ولم تجب عليه كفارة في يمينه.
الحادية والعشرون - قوله تعالى: (ولكن من شرح بالكفر) أي وسعه لقبول الكفر، ولا يقدر أحد على ذلك إلا الله، فهو يرد على القدرية. و " صدرا " نصب على المفعول. (فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم) وهو عذاب جهنم.
قوله تعالى: ذلك بأنهم استحبوا الدنيا على الآخرة وأن الله لا يهدى القوم الكافرين (107) أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم. وأبصرهم وأولئك هم الغافلون (108) لا جرم أنهم في الآخرة هم الخاسرون (109)