عليه حكم، وبه جاء الأثر المشهور عن النبي صلى الله عليه وسلم: " رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه " الحديث. والخبر وإن لم يصح سنده فإن معنا صحيح باتفاق من العلماء، قاله القاضي أبو بكر بن العربي. وذكر أبو محمد عبد الحق أن إسناده صحيح، قال: وقد ذكره أبو بكر الأصيلي في الفوائد وابن المنذر في كتاب الاقناع.
الرابعة - أجمع أهل العلم على أن من أكره على الكفر حتى خشي على نفسه القتل، أنه لا إثم عليه إن كفر وقلبه مطمئن بالايمان، ولا تبين منه زوجته ولا يحكم عليه بحكم الكفر، هذا قول مالك والكوفيين والشافعي، غير محمد بن الحسن فإنه قال: إذا أظهر الشرك كان مرتدا في الظاهر، وفيما بينه وبين الله تعالى على الاسلام، وتبين منه امرأته ولا يصلى عليه إن مات، ولا يرث أباه إن مات مسلما. وهذا قول يرده الكتاب والسنة، قال الله تعالى:
" إلا من أكره " الآية. وقال: " إلا أن تتقوا منهم تقاة (1) " وقال: " إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض (2) " الآية. وقال: " إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان (2) " الآية. فعذر الله المستضعفين الذين يمتنعون من ترك ما أمر الله به، والمكره لا يكون إلا مستضعفا غير ممتنع من فعل ما أمر به، قاله البخاري.
الخامسة - ذهبت طائفة من العلماء إلى أن الرخصة إنما جاءت في القول، وأما في الفعل فلا رخصة فيه، مثل أن يكرهوا على السجود لغير الله أو الصلاة لغير القبلة، أو قتل مسلم أو ضربه أو أكل ماله، أو الزنى وشرب الخمر وأكل الربا، يروى هذا عن الحسن البصري، رضي الله عنه. وهو قول الأوزاعي وسحنون من علمائنا. وقال محمد بن الحسن: إذا قيل للأسير: اسجد لهذا الصنم وإلا قتلتك. فقال: إن كان الصنم مقابل القبلة فليسجد ويكون نيته لله تعالى، وإن كان لغير القبلة فلا يسجد وإن قتلوه. والصحيح أنه يسجد وإن كان لغير القبلة، وما أحراه بالسجود حينئذ، ففي الصحيح عن ابن عمر قال:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وهو مقبل من مكة إلى المدينة على راحلته حيث كان