الله عليه وسلم فهو حسن، وهكذا ذكر أبو جعفر الطحاوي. فهذا اعتذار علماء الحنفية لأبي حنيفة عن الحديث الذي ورد في الاشعار، فقد سمعوه ووصل إليهم وعلموه، قالوا:
وعلى القول بأنه مكروه لا يصير به أحد محرما، لان مباشرة المكروه لا تعد من المناسك.
الثالثة - قوله تعالى: (ولا الشهر الحرام) اسم مفرد يدل على الجنس في جميع الأشهر الحرم وهي أربعة: واحد فرد وثلاثة (1) سرد، يأتي بيانها في " براءة " (2)، والمعنى: لا تستحلوها للقتال ولا للغارة ولا تبدلوها، فإن استبدالها استحلال، وذلك ما كانوا يفعلونه من النسئ، وكذلك قوله: " ولا الهدي ولا القلائد " أي لا تستحلوه، وهو على حذف مضاف أي ولا ذوات القلائد جمع قلادة. فنهى سبحانه عن استحلال الهدي جملة، ثم ذكر المقلد منه تأكيدا ومبالغة في التنبيه على الحرمة في التقليد.
الرابعة - قوله تعالى: (ولا الهدى ولا القلائد) الهدي ما أهدي إلى بيت الله تعالى من ناقة أو بقرة أو شاة، الواحدة هدية وهدية وهدي. فمن قال: أراد بالشعائر المناسك قال:
ذكر الهدي تنبيها على تخصيصها. ومن قال: الشعائر الهدي قال: إن الشعائر ما كان مشعرا أي معلما بإسالة الدم من سنامه، والهدي ما لم يشعر، اكتفى فيه بالتقليد. وقيل: الفرق أن الشعائر هي البدن من الانعام. والهدي البقر والغنم والثياب وكل ما يهدى. وقال الجمهور:
الهدي عاما في جميع ما يتقرب به من الذبائح والصدقات، ومنه قوله عليه الصلاة والسلام (المبكر إلى الجمعة كالمهدي بدنة) إلى أن قال: (كالمهدي بيضة) فسماها هديا، وتسمية البيضة هديا لا محمل له إلا أنه أراد به الصدقة، وكذلك قال العلماء: إذا قال جعلت ثوبي هديا فعليه أن يتصدق به، إلا أن الاطلاق إنما ينصرف إلى أحد الأصناف الثلاثة من الإبل والبقر والغنم، وسوقها إلى الحرم وذبحها فيه، وهذا إنما تلقى من عرف الشرع في قوله تعالى: " فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي " (3) [البقرة: 196] وأراد به الشاة، وقال تعالى:
" يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة " (4) [المائدة: 95] وقال تعالى: " فمن تمتع بالعمرة إلى الحج