القاف والراء على المصدر. (وتلك الأيام نداولها بين الناس) قيل: هذا في الحرب، تكون مرة للمؤمنين لينصر الله عز وجل دينه، ومرة للكافرين إذا عصى المؤمنون ليبتليهم ويمحص ذنوبهم، فأما إذا لم يعصوا فإن حزب الله هم الغالبون. وقيل: " نداولها بين الناس " من فرح وغم وصحة وسقم وغنى وفقر. والدولة الكرة، قال الشاعر:
فيوم لنا ويوم علينا * ويوم نساء ويوم نسر قوله تعالى: (وليعلم الله الذين آمنوا) معناه، وإنما كانت هذه المداولة ليرى المؤمن من المنافق فيميز بعضهم من بعض، كما قال: " وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله وليعلم المؤمنين. وليعلم الذين نافقوا " [آل عمران: 166 - 167] (1). وقيل: ليعلم صبر المؤمنين، العلم الذي يقع عليه الجزاء كما علمه غيبا قبل أن كلفهم. وقد تقدم في " البقرة " (2) هذا المعنى.
قوله تعالى: (ويتخذ منكم شهداء) فيه ثلاث مسائل:
الأولى - قوله تعالى: " ويتخذ منكم شهداء " أي يكرمكم بالشهادة، أي ليقتل قوم فيكونوا شهدا على الناس بأعمالهم. وقيل: لهذا قيل شهيد: وقيل: سمي شهيدا لأنه مشهود له بالجنة وقيل: سمي شهيدا لان أرواحهم احتضرت (3) دار السلام، لأنهم أحياء عند ربهم، وأرواح غيرهم لا تصل إلى الجنة، فالشهيد بمعنى الشاهد أي الحاضر للجنة، وهذا هو الصحيح على ما يأتي والشهادة فضلها عظيم، ويكفيك في فضلها قول تعالى: " إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم " [التوبة: 111] (4) الآية. " يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم. تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم " إلى قوله: " ذلك الفوز العظيم " [الصف: 10 - 11 - 12] (5).
وفي صحيح البستي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما يجد الشهيد من القتل إلا كما يجد أحدكم من القرحة). وروى النسائي عن راشد بن سعد عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلا قال: يا رسول الله، ما بال المؤمنين يفتنون في قبورهم إلا الشهيد؟ قال: (كفى ببارقة السيوف على رأسه فتنة). وفي البخاري: " من قتل من المسلمين