فيه ثلاثة أقوال: يمحص: يختبر. الثاني - يطهر، أي من ذنوبهم فهو على حذف مضاف.
المعنى: وليمحص الله ذنوب الذين آمنوا، قاله الفراء. الثالث - يمحص يخلص، فهذا أغربها.
قال الخليل: يقال محصى الحبل يمحص محصا إذا انقطع وبره، ومنه (اللهم محص عنا ذنوبنا) أي خلصنا من عقوبتها. وقال أبو إسحاق الزجاج: قرأت على محمد بن يزيد عن الخليل:
التمحيص التخليص. يقال: محصه [يمحصه] (1) محصا إذا خلصه، فالمعنى عليه ليبتلي المؤمنين ليثيبهم ويخلصهم من ذنوبهم. (ويمحق الكافرين) أي يستأصلهم بالهلاك.
قوله تعالى: أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جهدوا منكم ويعلم الصابرين (142) " أم " بمعنى بل. وقيل: الميم زائدة، والمعنى أحسبتم يامن انهزم يوم أحد أن تدخلوا الجنة كما دخل الذين قتلوا وصبروا على ألم الجراح والقتل من غير أن تسلكوا طريقهم وتصبروا صبرهم لا، حتى (يعلم الله الذين جاهدوا منكم) أي علم شهادة حتى يقع عليه الجزاء. والمعنى:
ولم تجاهدوا فيعلم ذلك منكم، فلما بمعنى لم. وفرق سيبويه بين " لم " و " لما " فزعم أن " لم يفعل " نفي فعل، وأن " لم يفعل ". نفى قد فعل. (ويعلم الصابرين) منصوب بإضمار أن، عن الخليل. وقرأ الحسن ويحيى بن يعمر " يعلم الصابرين " بالجزم على النسق. وقرئ بالرفع على القطع، أي وهو يعلم. وروى هذه القراءة عبد الوارث عن أبي عمرو. وقال الزجاج:
الواو هنا بمعنى حتى، أي ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم حتى يعلم صبرهم كما تقدم آنفا.
قوله تعالى: ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه وأنتم تنظرون (143) قوله تعالى: (ولقد كنتم تمنون الموت) أي الشهادة من قبل أن تلقوه.
وقرأ الأعمش " من قبل أن تلاقوه " أي من قبل القتل. وقيل: من قبل أن تلقوا أسباب الموت وذلك أن كثيرا ممن لم يحضروا بدرا كانوا يتمنون يوما يكون فيه قتال،