حسبت بغام راحلتي عناقا * وما هي ويب غيرك بالعناق (1) يريد صوت عناق. نظيره في سورة الحديد " وجنة عرضها كعرض السماء والأرض " [الحديد: 21] (2) واختلف العلماء في تأويله، فقال ابن عباس: تقرن السماوات والأرض بعضها إلى بعض كما تبسط الثياب ويوصل بعضها ببعض، فذلك عرض الجنة، ولا يعلم طولها إلا الله. وهذا قول الجمهور، وذلك لا ينكر، فإن في حديث أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم (ما السماوات السبع والأرضون السبع في الكرسي إلا كدراهم ألقيت في فلاة من الأرض وما الكرسي في العرش إلا كحلقة (3) ألقيت في فلاة من الأرض). فهذه مخلوقات أعظم بكثير جدا من السماوات والأرض، وقدرة الله أعظم من ذلك كله. وقال الكلبي: الجنان أربعة: جنة عدن وجنة المأوى وجنة الفردوس وجنة النعيم، وكل جنة منها كعرض السماء والأرض لو وصل بعضها ببعض. وقال إسماعيل السدي: لو كسرت السماوات والأرض وصرن خردلا، فبكل خردلة جنة عرضها كعرض السماء والأرض. وفي الصحيح: (إن أدنى أهل الجنة منزلة من يتمنى ويتمنى حتى إذا انقطعت به الأماني قال الله تعالى: لك ذلك وعشرة أمثال) رواه أبو سعيد الخدري، خرجه مسلم وغيره. وقال يعلى بن أبي مرة: لقيت التنوخي رسول هرقل إلى النبي صلى الله عليه وسلم بحمص شيخا كبيرا قال: قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتاب هرقل، فناول الصحيفة رجلا عن يساره، قال: فقلت من صاحبكم الذي يقرأ؟ قالوا:
معاوية، فإذا كتاب صاحبي: إنك كتبت تدعوني إلى جنة عرضها السماوات والأرض فأين النار؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (سبحان الله فأين الليل إذا جاء النهار).
وبمثل هذه الحجة أستدل الفاروق على اليهود حين قالوا له: أرأيت قولكم " وجنة عرضها السماوات والأرض " فأين النار؟ فقالوا له: لقد نزعت (4) بما في التوراة. ونبه تعالى بالعرض على الطول لان الغالب أن الطول يكون أكثر من العرض، والطول إذا ذكر لا يدل على قدر