الثالثة - وأختلف العلماء في القنوت في صلاة الفجر وغيرها، فمنع الكوفيون منه في الفجر وغيرها. وهو مذهب الليث ويحيى بن يحيى الليثي الأندلسي صاحب مالك، وأنكره الشعبي.
وفي الموطأ عن ابن عمر: أنه كان لا يقنت في شئ من الصلاة. وروى النسائي أنبأنا قتيبة عن خلف عن أبي مالك الأشجعي عن أبيه قال: صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم فلم يقنت، وصليت خلف أبي بكر فلم يقنت، وصليت خلف عمر فلم يقنت، وصليت خلف عثمان فلم يقنت وصليت خلف علي فلم يقنت، ثم قال: يا بني إنها بدعة. وقيل: يقنت في الفجر دائما وفي سائر الصلوات إذا نزل بالمسلمين نازلة، قاله الشافعي والطبري. وقيل: هو مستحب في صلاة الفجر، وروي عن الشافعي. وقال الحسن وسحنون: إنه سنة. وهو مقتضى رواية علي بن زياد عن مالك بإعادة تاركه للصلاة عمدا. وحكى الطبري الاجماع على أن تركه غير مفسد للصلاة. وعن الحسن: في تركه سجود السهو، وهو أحد قولي الشافعي. وذكر الدارقطني عن سعيد ابن عبد العزيز فيمن نسي القنوت في صلاة الصبح قال: يسجد سجدتي السهو. واختار مالك قبل الركوع، وهو قول إسحاق. وروي أيضا عن مالك بعد الركوع، وروي عن الخلفاء الأربعة، وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق أيضا. وروى عن جماعة من الصحابة التخيير في ذلك. وروى الدارقطني بإسناد صحيح عن أنس أنه قال: ما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت في صلاة الغداة حتى فارق الدنيا. وذكر أبو داود في المراسيل عن خالد بن أبي عمران قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو على مضر إذ جاءه جبريل فأو ماء إليه أن اسكت فسكت، فقال: (يا محمد إن الله لم يبعثك سبابا ولا لعانا وإنما بعثك رحمة ولم يبعثك عذابا، ليس لكمن الامر شئ أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون) قال: ثم علمه هذا القنوت فقال: (اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونؤمن بك ونخنع (1) لك ونترك من يكفرك اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد (2) ونرجو رحمتك ونخاف عذابك الجد إن عذابك بالكافرين ملحق (3)).