ومتركنا أمية مجلعبا (1) * وفي حيزومه لدن نبيل (2) وهام بني ربيعة سائلوها * ففي أسيافها منها فلول ألا يا هند لا تبدي شماتا بحمزة إن عزكم ذليل ألا يا هند فابكي لا تملي * فأنت الواله العبري الهبول (3) ورثته أيضا أخته صفية، وذلك مذكور في السيرة، رضي الله عنهم أجمعين.
قوله تعالى: (وعلى الله فليتوكل المؤمنون) فيه مسألة واحدة، وهي بيان التوكل. والتوكل في اللغة إظهار العجز والاعتماد على الغير (4) * وواكل فلان إذا ضيع أمره متكلا على غيره.
وأختلف العلماء في حقيقة التوكل، فسئل عنه سهل بن عبد الله فقال: قالت فرقة أرض الرضا بالضمان، وقطع الطمع من المخلوقين. وقال قوم: التوكل ترك الأسباب والركون إلى مسبب الأسباب، فإذا شغله السبب عن المسبب زال عنه اسم التوكل. قال سهل: من قال إن التوكل يكون بترك السبب فقد طعن في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لان الله عز وجل يقول: " فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا " [الأنفال: 69] (5) فالغنيمة اكتساب. وقال تعالى: " فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان " [الأنفال: 12] (6) فهذا عمل. وقال النبي صلى الله عليه وسلم (إن الله يحب العبد المحترف).
وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرضون على السرية (7). وقال غيره: وهذا قول عامة الفقهاء، وأن التوكل على الله هو الثقة بالله والايقان بأن قضاءه ماض، وأتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم في السعي فيما لابد منه من الأسباب من مطعم ومشرب وتحرز من عدو وإعداد الأسلحة واستعمال ما تقتضيه سنة الله تعالى المعتادة. وإلى هذا ذهب محققو الصوفية، لكنه لا يستحق اسم التوكل عندهم مع الطمأنينة إلى تلك الأسباب والالتفات إليها بالقلوب، فإنها لا تجلب نفعا ولا تدفع ضرا، بل السبب والمسبب فعل الله تعالى، والكل منه وبمشيئته، ومتى وقع من المتوكل ركون إلى تلك الأسباب فقد انسلخ عن ذلك الاسم. ثم المتوكلون على