وقيل: في الكلام حذف، والتقدير من أهل الكتاب أمة قائمة وأخرى غير قائمة، فترك الأخرى اكتفاء بالأولى، كقول أبي ذؤيب:
عصاني (1) إليها القلب إني لامره * مطيع فما أدري أرشد طلابها أراد: أرشد أم غي، فحذف. قال الفراء: " أمة " رفع ب " سواء، والتقدير: ليس يستوي أمة من أهل الكتاب قائمة يتلون آيات الله وأمة كافرة. قال النحاس: هذا قول خطأ من جهات:
إحداها أنه يرفع " أمة " ب " سواء " فلا يعود على اسم ليس بشئ، ويرفع بما ليس جاريا على الفعل ويضمر ما لا يحتاج إليه، لأنه قد تقدم ذكر الكافر فليس لاضمار هذا وجه. وقال أبو عبيدة: هذا مثل قولهم: أكلوني البراغيث، وذهبوا أصحابك. قال النحاس: وهذا غلط، لأنه قد تقدم ذكرهم، وأكلوني البراغيث لم يتقدم لهم ذكر. و (آناء الليل) ساعاته.
وأحدها إني وأنى وإني، وهو منصوب على الظرف. و (يسجدون) يصلون، عن الفراء والزجاج، لان التلاوة لا تكون في الركوع والسجود. نظيره قوله: " وله يسجدون " (2) أي يصلون. وفي الفرقان: " وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن " [الفرقان: 60] (3) وفي النجم " فاسجدوا لله واعبدوا " [النجم: 62] (4).
وقيل: يراد به السجود المعروف خاصة. وسبب النزول يرده، وأن المراد صلاة العتمة كما ذكرنا عن ابن مسعود، فعبدة الأوثان ناموا حيث جن عليهم الليل، والموحدون قيام بين يدي الله تعالى في صلاة العشاء يتلون آيات الله، ألا ترى لما ذكر قيامهم قال " وهم يسجدون " أي مع القيام أيضا. الثوري: هي الصلاة بين العشاءين. وقيل: هي في قيام الليل.
وعن رجل من بني شيبة كان يدرس الكتب قال: إنا نجد كلاما من كلام الرب عز وجل:
أيحسب راعي إبل أو راعي غنم إذا جنه الليل انخذل (5) كمن هو قائم وساجد أناء الليل. (يؤمنون بالله) يعني يقرون بالله ويصدقون بمحمد صلى الله عليه وسلم. (ويأمرون بالمعروف) قيل: هو عموم. وقيل: يراد به الامر بأتباع النبي صلى الله عليه وسلم. (وينهون عن المنكر) والنهي عن المنكر النهي عن مخالفته. (ويسارعون في الخيرات) التي يعملونها مبادرين غير متثاقلين