الملائكة. قال: (وحق لهم بل غيرهم) قلنا الأنبياء. قال: (وحق لهم بل غيرهم) ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أفضل الخلق إيمانا قوم في أصلاب الرجال يؤمنون بي ولم يروني يجدون ورقا فيعملون بما فيها فهم أفضل الخلق إيمانا). وروى صالح بن جبير عن أبي جمعة قال: قلنا يا رسول الله، هل أحد خير منا؟ قال: (نعم قوم يجيئون من بعدكم فيجدون كتابا بين لوحين فيؤمنون بما فيه ويؤمنون بي ولم يروني). وقال أبو عمر:
وأبو جمعة له صحبة واسمه حبيب بن سباع، وصالح بن جبير من ثقات التابعين. وروى أبو ثعلبة الخشني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن أمامكم أياما الصابر فيها على دينه كالقابض على الجمر للعامل فيها أجر خمسين رجلا يعمل مثله عمله) قيل: يا رسول الله، منهم؟ قال: (بل منكم). قال أبو عمر: وهذه اللفظة " بل منكم " قد سكت عنها بعض المحدثين فلم يذكرها. وقال عمر بن الخطاب في تأويل قوله: " كنتم خير أمة أخرجت للناس " قال: من فعل مثل فعلكم كان مثلكم. ولا تعارض بين الأحاديث، لان الأول على الخصوص، والله الموفق.
وقد قيل في توجيه أحاديث هذا الباب: إن قرنه إنما فضل لأنهم كانوا غرباء في إيمانهم لكثرة الكفار وصبرهم على أذاهم وتمسكهم بدينهم، وإن أواخر هذه الأمة إذا أقاموا الدين وتمسكوا به وصبروا على طاعة ربهم في حين ظهور الشر والفسق والهرج والمعاصي والكبائر كانوا عند ذلك أيضا غرباء، وزكت أعمالهم في ذلك الوقت كما زكت أعمال أوائلهم، [ومما] (1) يشهد لهذا قوله عليه السلام: (بدأ الاسلام غريبا وسيعود كما بدأ فطوبى للغرباء). ويشهد له أيضا حديث أبي ثعلبة، ويشهد له أيضا قوله صلى الله عليه وسلم:
(أمتي كالمطر لا يدري أوله خير أم آخره). ذكره أبو داود الطيالسي وأبو عيسى الترمذي، ورواه هشام بن عبيد الله الرازي عن مالك عن الزهري عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مثل أمتي مثل المطر لا يدري أوله خير أم آخره). ذكره الدارقطني في مسند حديث مالك. قال أبو عمر: هشام بن عبيد الله ثقة لا يختلفون في ذلك. وروي أن عمر ابن عبد العزيز لما ولي الخلافة كتب إلى سالم بن عبد الله أن اكتب إلي بسيرة عمر بن الخطاب