والحبالة (1): حبالة الصائد. وكلها ليس مرادا في الآية إلا الذي بمعنى العهد، عن ابن عباس.
وقال ابن مسعود: حبل الله القرآن. ورواه علي وأبو سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن مجاهد وقتادة مثل ذلك. وأبو معاوية عن الهجري (2) عن أبي الأحوص عن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن هذا القرآن هو حبل الله). وروى تقي بن مخلد حدثنا يحيى بن عبد الحميد حدثنا هشيم عن العوام بن حوشب عن الشعبي عن عبد الله بن مسعود " واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا " قال: الجماعة، روي عنه و [عن غيره] (3) من وجوه، والمعنى كله متقارب متداخل، فإن (4) الله تعالى يأمر بالألفة وينهى عن الفرقة فإن الفرقة هلكة والجماعة نجاة. ورحم الله ابن المبارك حيث قال:
إن الجماعة حبل الله فاعتصموا * منه بعروته الوثقى لمن دانا الثانية - قوله تعالى: (ولا تفرقوا) [يعني في دينكم] (5) كما افترقت اليهود والنصارى في أديانهم، عن ابن مسعود وغيره. ويجوز أن يكون معناه ولا تفرقوا متابعين للهوى والاغراض المختلفة، وكونوا في دين الله إخوانا، فيكون ذلك منعا لهم عن التقاطع والتدابر، ودل عليه ما بعده وهو قوله تعالى: " واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا ". وليس فيه دليل على تحريم الاختلاف في الفروع، فإن ذلك ليس اختلافا إذ الاختلاف ما يتعذر معه الائتلاف والجمع، وأما حكم مسائل الاجتهاد فإن الاختلاف فيها بسبب (6) استخراج الفرائض ودقائق معاني الشرع، وما زالت الصحابة يختلفون في أحكام الحوادث، وهم مع ذلك متآلفون (7). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اختلاف أمتي رحمة) وإنما منع الله اختلافا هو سبب الفساد. روى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (تفرقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة أو اثنتين وسبعين فرقة والنصارى مثل ذلك وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة). قال الترمذي: هذا حديث صحيح.
وأخرجه أيضا عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه سلم: (ليأتين على أمتي ما أتى