لتؤمنن به لما آتيتكم من ذكر التوراة. وقيل: في الكلام حذف، والمعنى وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لتعلمن الناس لما جاءكم من كتاب وحكمة، ولتأخذن على الناس أن يؤمنوا. ودل على هذا الحذف " وأخذتم على ذلكم إصري ". وقيل: إن اللام في قوله " لما " في قراءة من كسرها بمعنى بعد، يعني بعد ما آتيتكم من كتاب وحكمة، كما قال النابغة:
توهمت آيات لها فعرفتها * لستة أعوام وذا العام سابع أي بعد ستة أعوام. وقرأ سعيد بن خبير " لما " بالتشديد، ومعناه حين آتيتكم. واحتمل أن يكون أصلها التخفيف فزيدت " من " على مذهب من يرى زيادتها في الواجب فصارت لمن ما، وقلبت النون ميما للادغام فاجتمعت ثلاث ميمات فحذفت الأولى منهن استخفافا. وقرأ أهل المدينة " آتيناكم " على التعظيم. والباقون " آتيتكم " على لفظ الواحد. ثم كل الأنبياء لم يؤتوا الكتاب وإنما أوتي البعض، ولكن الغلبة للذين أوتوا الكتاب. والمراد أخذ ميثاق جميع الأنبياء فمن لم يؤت الكتاب فهو في حكم من أوتي الكتاب لأنه أوتي الحكم والنبوة. وأيضا من لم يؤت الكتاب أمر بأن يأخذ بكتاب من قبله فدخل تحت صفة من أوتي الكتاب.
قوله تعالى: (أأقررتم وأخذتم على ذلك إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين) " أقررتم " من الاقرار، والإصر والإصر لغتان، وهو العهد. والإصر في اللغة الثقل، فسمي العهد إصرا لأنه منع وتشديد. (قال فاشهدوا) أي اعلموا، عن ابن عباس.
الزجاج: بينوا لان الشاهد هو الذي يصحح دعوى المدعى. وقيل: المعنى اشهدوا أنتم على أنفسكم وعلى أتباعكم. (وأنا معكم من الشاهدين) عليكم وعليهم. وقال سعيد بن المسيب:
قال الله عز وجل للملائكة فاشهدوا عليهم، فتكون كناية عن غير مذكور.
قوله تعالى: فمن تولى بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون (82) " من " شرط. فمن تولى من أمم الأنبياء عن الايمان بعد أخذ الميثاق (فأولئك هم الفاسقون) أي الخارجون عن الايمان. والفاسق الخارج. وقد تقدم (1).