الهاء لطول الاسم. و " الذي " رفع بالابتداء وخبره " من كتاب وحكمة ". و " من " لبيان الجنس. وهذا كقول القائل: لزيد أفضل منك، وهو قول الأخفش أنها لام الابتداء.
قال المهدوي: وقوله " ثم جاءكم " وما بعده جملة معطوفة على الصلة، والعائد منها على الموصول محذوف، والتقدير ثم جاءكم رسول مصدق به.
قوله تعالى (ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه) الرسول هنا محمد صلى الله عليه وسلم في قول علي وابن عباس رضي الله عنهما. واللفظ وإن كان نكرة فالإشارة إلى معين، كقوله تعالى: " وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة " إلى قوله: " ولقد جاءهم رسول منهم فكذبوه " [النحل: 112 - 113] (1). فأخذ الله ميثاق النبيين أجمعين أن يؤمنوا بمحمد عليه السلام وينصروه إن أدركوه، وأمرهم أن يأخذوا بذلك الميثاق على أممهم. واللام من قوله " لتؤمنن به " جواب القسم الذي هو أخذ الميثاق، إذ هو بمنزلة الاستحلاف. وهو كما تقول في الكلام: أخذت ميثاقك لتفعلن كذا، كأنك قلت استحلفك، وفصل بين القسم وجوابه بحرف الجر الذي هو " لما " في قراءة ابن كثير على ما يأتي. ومن فتحها جعلها متلقية للقسم الذي هو أخذ الميثاق. واللام في " لتؤمنن به " جواب قسم محذوف، أي والله لتؤمنن به.
وقال المبرد والكسائي والزجاج: " ما " شرط دخلت عليها لام التحقيق كما تدخل على إن، ومعناه [لمهما] (2) آتيتكم، فموضع " ما " نصب، وموضع " آتيتكم " جزم، و " ثم جاءكم " معطوف عليه، (لتؤمنن به) اللام في قوله " لتؤمنن به " جواب الجزاء، كقوله تعالى: " ولئن شئنا لنذهبن " [الاسراء: 86] (3) ونحوه. وقال الكسائي: لتؤمنن به معتمد القسم فهو متصل بالكلام الأول، وجواب الجزاء قوله " فمن تولى بعد ذلك " [آل عمران: 82]. ولا يحتاج على هذا الوجه إلى تقدير عائد. وقرأ أهل الكوفة " لما آتيتكم " بكسر اللام، وهي أيضا بمعنى الذي وهي متعلقة بأخذ، أي أخذ الله ميثاقهم لأجل الذي آتاهم من كتاب وحكمة ثم إن جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به من بعد الميثاق، لان أخذ الميثاق في معنى الاستحلاف كما تقدم. قال النحاس:
ولأبي عبيدة في هذا قول حسن. قال: المعنى وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب