والصواب من القول في ذلك عندنا: ما عليه قراء الأمصار، وذلك كسر الذال والثاء، لاجماع الحجة من القراء عليه. فإذا كان ذلك كذلك، فتأويل الكلام: فيومئذ لا يعذب بعذاب الله أحد في الدنيا، ولا يوثق كوثاقه يومئذ أحد في الدنيا. وكذلك تأوله قارئو ذلك كذلك من أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
28828 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: فيومئذ لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق كوثاق الله أحد.
28829 - حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن الحسن فيومئذ لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد قال: قد علم الله أن في الدنيا عذابا ووثاقا، فقال: فيومئذ لا يعذب عذابه أحد في الدنيا، ولا يوثق وثاقه أحد في الدنيا.
وأما الذي قرأ ذلك بالفتح، فإنه وجه تأويله إلى: فيومئذ لا يعذب أحد في الدنيا كعذاب الله يومئذ، ولا يوثق أحد في الدنيا كوثاقه يومئذ. وقد تأول ذلك بعض من قرأ ذلك كذلك بالفتح من المتأخرين: فيومئذ لا يعذب عذاب الكافر أحد ولا يوثق وثاق الكافر أحد. وقال: كيف يجوز الكسر، ولا معذب يومئذ سوى الله وهذا من التأويل غلط. لان أهل التأويل تأولوه بخلاف ذلك. مع إجماع الحجة من القراء على قراءته بالمعنى الذي جاء به تأويل أهل التأويل، وما أحسبه دعاه إلى قراءة ذلك كذلك، إلا ذهابه عن وجه صحته في التأويل.
وقوله: يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل الملائكة لأوليائه يوم القيامة: يا أيتها النفس المطمئنة، يعني بالمطمئنة:
التي اطمأنت إلى وعد الله الذي وعد أهل الايمان به، في الدنيا من الكرامة في الآخرة، فصدقت بذلك.
وقد اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم نحو الذي قلنا فيه. ذكر من قال ذلك:
28830 - حدثني علي، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس يا أيتها النفس المطمئنة يقول: المصدقة.
28831 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: يا أيتها النفس المطمئنة هو المؤمن اطمأنت نفسه إلى ما وعد الله.