الدمع، ثم تدمعون دما، وتبكون حتى يبلغ ذلك منكم الأذقان، أو يلجمكم فتضجون، ثم تقولون من يشفع لنا إلى ربنا، فيقضي بيننا، فيقولون من أحق بذلك من أبيكم؟ جعل الله تربته، وخلقه بيده، ونفخ فيه من روحه، وكلمه قبلا، فيؤتى آدم صلى الله عليه وسلم فيطلب ذلك إليه، فيأبى، ثم يستقرون الأنبياء نبيا نبيا، كلما جاءوا نبيا أبى قال رسول الله (ص): حتى يأتوني، فإذا جاؤوني خرجت حتى آتي الفحص. قال أبو هريرة:
يا رسول الله، ما الفحص؟ قال: قدام العرش، فأخر ساجدا، فلا أزال ساجدا حتى يبعث الله إلي ملكا، فيأخذ بعضدي، فيرفعني ثم يقول الله لي: محمد، وهو أعلم، فأقول: نعم، فيقول: ما شأنك؟ فأقول: يا رب وعدتني الشفاعة، شفعني في خلقك فاقض بينهم، فيقول: قد شفعتك، أنا آتيكم فأقضي بينكم. قال رسول الله (ص): فانصرف حتى أقف مع الناس، فبينا نحن وقوف، سمعنا حسا من السماء شديدا، فهالنا، فنزل أهل السماء الدنيا بمثلي من في الأرض من الجن والإنس، حتى إذا دنوا من الأرض، أشرقت الأرض بنورهم، وأخذوا مصافهم، وقلنا لهم: أفيكم ربنا؟ قالوا: لا، وهو آت. ثم ينزل أهل السماء الثانية بمثلي من نزل من الملائكة، وبمثلي من فيها من الجن والإنس، حتى إذا دنوا من الأرض، أشرقت الأرض بنورهم، وأخذوا مصافهم، وقلنا لهم: أفيكم ربنا: قالوا: لا، وهو آت. ثم نزل أهل السماوات على قدر ذلك من الضعف، حتى نزل الجبار في ظلل من الغمام والملائكة، ولهم زجل من تسبيحهم، يقولون: سبحان ذي الملك والملكوت سبحان رب العرش ذي الجبروت سبحان الحي الذي لا يموت سبحان الذي يميت الخلائق ولا يموت سبوح قدوس رب الملائكة والروح قدوس قدوس، سبحان ربنا الأعلى سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والسلطان والعظمة سبحانه أبدا أبدا يحمل عرشه يومئذ ثمانية، وهم اليوم أربعة، أقدامهم على تخوم الأرض السفلى والسماوات إلى حجزهم، والعرش على مناكبهم، فوضع الله عرشه حيث شاء من الأرض، ثم ينادي بنداء يسمع الخلائق، فيقول: يا معشر الجن والإنس، إني قد أنصت منذ يوم خلقتكم إلى يومكم هذا، أسمع كلامكم، وأبصر أعمالكم، فأنصتوا إلي، فإنما هي صحفكم وأعمالكم تقرأ عليكم، فمن وجد خيرا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه. ثم يأمر الله جهنم فتخرج منها عنقا ساطعا مظلما، ثم يقول الله: ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان...، إنه لكم عدو مبين إلى قوله: هذه جهنم التي كنتم توعدون