الناس أن تفسدوا في الأرض بمعنى الولاية، وأجمعت القراء غير نافع على فتح السين من عسيتم، وكان نافع يكسرها عسيتم.
والصواب عندنا قراءة ذلك بفتح السين لاجماع الحجة من القراء عليها، وأنه لم يسمع في الكلام: عسى أخوك يقوم، بكسر السين وفتح الياء ولو كان صوابا كسرها إذا اتصل بها مكني، جاءت بالكسر مع غير المكني، وفي إجماعهم على فتحها مع الاسم الظاهر، الدليل الواضح على أنها كذلك مع المكني، وإن التي تلي عسيتم مكسورة، وهي حرف جزاء، وأن التي مع تفسدوا في موضع نصيب بعسيتم.
وقوله: أولئك الذين لعنهم الله يقول تعالى ذكره: هؤلاء الذين يفعلون هذا، يعني الذين يفسدون ويقطعون الأرحام الذين لعنهم الله، فأبعدهم من رحمته فأصمهم، يقول: فسلبهم فهم ما يسمعون بآذانهم من مواعظ الله في تنزيله وأعمى أبصارهم يقول:
وسلبهم عقولهم، فلا يتبينون حجج الله، ولا يتذكرون ما يرون من عبره وأدلته. القول في تأويل قوله تعالى:
* (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها * إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم وأملى لهم) *.
يقول تعالى ذكره: أفلا يتدبر هؤلاء المنافقون مواعظ الله التي يعظهم بها في آي القرآن الذي أنزله على نبيه عليه الصلاة والسلام، ويتفكرون في حججه التي بينها لهم في تنزيله فيعلموا بها خطأ ما هم عليه مقيمون أم على قلوب أقفالها يقول: أم أقفل الله على قلوبهم فلا يعقلون ما أنزل الله في كتابه من المواعظ والعبر. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
24305 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها إذا والله يجدون في القرآن زاجرا عن معصية الله، لو تدبره القوم فعقلوه، ولكنهم أخذوا بالمتشابه فهلكوا عند ذلك.
24306 - حدثنا إسماعيل بن حفص الأيلي، قال: ثنا الوليد بن مسلم، عن ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، قال: ما من آدمي إلا وله أربع أعين: عينان في رأسه لدنياه، وما يصلحه من معيشته، وعينان في قلبه لدينه، وما وعد الله من الغيب، فإذا أراد الله بعبد خيرا