لكم أهليكم، فمن ذا الذي يقدر على دفع ما أراد الله بكم من خير أو شر، والله لا يعازه أحد، ولا يغالبه غالب.
وقوله: بل كان الله بما تعملون خبيرا يقول تعالى ذكره: ما الامر كما يظن هؤلاء المنافقون من الاعراب أن الله لا يعلم ما هم عليها منطوون من النفاق، بل لم يزل الله بما يعملون من خير وشر خبيرا، لا يخفى عليه شئ من أعمال خلقه، سرها وعلانيتها، وهو محصيها عليهم حتى يجازيهم بها، وكان رسول الله (ص) فيما ذكر عنه حين أراد المسير إلى مكة عام الحديبية معتمرا استنفر العرب ومن حول مدينته من أهل البوادي والاعراب ليخرجوا معه حذرا من قومه قريش أن يعرضوا له الحرب، أو يصدوه عن البيت، وأحرم هو (ص) بالعمرة، وساق معه الهدى، ليعلم الناس أنه لا يريد حربا، فتثاقل عنه كثير من الاعراب، وتخلفوا خلافه فهم الذين عنى الله تبارك وتعالى بقوله: سيقول لك المخلفون من الاعراب شغلتنا أموالنا وأهلونا... الآية.
وكالذي قلنا في ذلك قال أهل العلم بسير رسول الله (ص) ومغازيه، منهم ابن إسحاق.
24365 - حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة عن ابن إسحاق بذلك.
24366 - حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: سيقول لك المخلفون من الاعراب شغلتنا أموالنا وأهلونا قال: أعراب المدينة:
جهينة ومزينة، استتبعهم لخروجه إلى مكة، قالوا: نذهب معه إلى قوم قد جاؤوه، فقتلوا أصحابه فنقاتلهم فاعتلوا بالشغل.
واختلفت القراء في قراءة قوله: إن أراد بكم ضرا فقرأته قراء المدينة والبصرة وبعض قراء الكوفة ضرا بفتح الضاد، بمعنى: الضر الذي هو خلاف النفع. وقرأ ذلك عامة قراء الكوفيين ضرا بضم الضاد، بمعنى البؤس والسقم.
وأعجب القراءتين إلي الفتح في الضاد في هذا الموضع بقوله: أو أراد بكم نفعا، فمعلوم أن خلاف النفع الضر، وإن كانت الأخرى صحيحا معناها.
القول في تأويل قوله تعالى