صحت الأقوال التي قالها أهل التأويل في ذلك التي ذكرناها كلها، ولم يكن بعض ذلك أولى بالصواب من بعض، لان كل ذلك مما نهى الله المسلمين أن ينبز بعضهم بعضا.
وقوله: بئس الاسم الفسوق بعد الايمان يقول تعالى ذكره: ومن فعل ما نهينا عنه، وتقدم على معصيتنا بعد إيمانه، فسخر من المؤمنين، ولمز أخاه المؤمن، ونبزه بالألقاب، فهو فاسق بئس الاسم الفسوق بعد الايمان يقول: فلا تفعلوا فتستحقوا إن فعلتموه أن تسموا فساقا، بئس الاسم الفسوق، وترك ذكر ما وصفنا من الكلام، اكتفاء بدلالة قوله:
بئس الاسم الفسوق عليه.
وكان ابن زيد يقول في ذلك ما:
24573 - حدثنا به يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، وقرأ بئس الاسم الفسوق بعد الايمان قال: بئس الاسم الفسوق حين تسميه بالفسق بعد الاسلام، وهو على الاسلام. قال: وأهل هذا الرأي هم المعتزلة، قالوا: لا نكفره كما كفره أهل الأهواء، ولا نقول له مؤمن، كما قالت الجماعة، ولكنا نسميه باسمه إن كان سارقا فهو سارق، وإن كان خائنا سموه خائنا وإن كان زانيا سموه زانيا قال: فاعتزلوا الفريقين أهل الأهواء وأهل الجماعة، فلا بقول هؤلاء قالوا، ولا بقول هؤلاء، فسموا بذلك المعتزلة.
فوجه ابن زيد تأويل قوله: بئس الاسم الفسوق بعد الايمان إلى من دعي فاسقا، وهو تائب من فسقه، فبئس الاسم ذلك له من أسمائه.. وغير ذلك من التأويل أولى بالكلام، وذلك أن الله تقدم بالنهي عما تقدم بالنهي عنه في أول هذه الآية، فالذي هو أولى أن يختمها بالوعيد لمن تقدم على بغيه، أو بقبيح ركوبه ما ركب مما نهى عنه، لا أن يخبر عن قبح ما كان التائب أتاه قبل توبته، إذ كانت الآية لم تفتتح بالخبر عن ركوبه ما كان ركب قبل التوبة من القبيح، فيختم آخرها بالوعيد عليه أو بالقبيح.
وقوله: ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون يقول تعالى ذكره: ومن لم يتب من نبزه أخاه بما نهى الله عن نبزه به من الألقاب، أو لمزه إياه، أو سخريته منه، فأولئك هم الذين ظلموا أنفسهم، فأكسبوها عقاب الله بركوبهم ما نهاهم عنه.
وكان ابن زيد يقول في ذلك ما:
24574 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله