فنصيبهم، فإن قعدوا قعدوا موتورين محزونين وإن لحوا تكن عنقا قطعها الله؟ أم ترون أنا نؤم البيت، فمن صدنا عنه قاتلناه؟ فقام أبو بكر رضي الله عنه فقال: يا رسول الله: إنا لم نأت لقتال أحد، ولكن من حال بيننا وبين البيت قاتلناه فقال النبي (ص): فروحوا إذا وكان أبو هريرة يقول: ما رأيت أحدا قط كان أكثر مشاورة لأصحابه من النبي (ص)، فراحوا حتى إذا كانوا ببعض الطريق، قال النبي (ص): إن خالد بن الوليد بالغميم في خيل لقريش طليعة، فخذوا ذات اليمين، فوالله ما شعر بهم خالد حتى إذا هو بقترة الجيش، فانطلق يركض نذيرا لقريش، وسار النبي (ص)، حتى إذا كان بالثنية التي يهبط عليهم منها، بركت به راحلته فقال الناس: حل حل، فقال: ما حل؟ فقالوا: خلات القصواء، فقال النبي (ص): ما خلات وما ذاك لها بخلق، ولكنها حبسها حابس الفيل، ثم قال: والذي نفسي بيده لا يسألوني خطة يعظمون بها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها، ثم زجرت فوثبت فعدل عنهم حتى نزل بأقصى الحديبية على ثمد قليل الماء، إنما يتبرضه الناس تبرضا، فلم يلبث الناس أن نزحوه، فشكي إلى رسول الله (ص) العطش، فنزع سهما من كنانته، ثم أمرهم أن يجعلوه فيه، فوالله ما زال يجيش لهم بالري حتى صدروا عنه، فبينما هم كذلك جاء بديل بن ورقاء الخزاعي في نفر من خزاعة، وكانوا عيبة نصح رسول الله (ص) من أهل تهامة، فقال: إني تركت كعب بن لؤي، وعامر بن لؤي، قد نزلوا أعداد مياه الحديبية معهم العوذ المطافيل، وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت، فقال النبي (ص): إنا لم نأت لقتال أحد، ولكنا جئنا معتمرين، وإن قريشا قد نهكتهم الحرب، وأضرت بهم، فإن شاؤوا ماددناهم مدة، ويخلوا بيني وبين الناس، فإن أظهر فإن شاؤوا أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس فعلوا، وإلا فقد جموا وإن هم أبوا فوالذي نفسي بيده لأقاتلنهم على أمري هذا حتى تنفرد سالفتي، أو لينفذن الله أمره فقال بديل: سنبلغهم ما تقول، فانطلق حتى أتى قريشا،
(١٢٧)