يقول تعالى ذكره: هؤلاء المشركون من قريش هم الذين جحدوا توحيد الله، وصدوكم أيها المؤمنون بالله عن دخول المسجد الحرام، وصدوا الهدي معكوفا: يقول:
محبوسا عن أن يبلغ محله. فموضع أن نصب لتعلقه إن شئت بمعكوف، وإن شئت بصدوا. وكان بعض نحويي البصرة يقول في ذلك: وصدوا الهدي معكوفا كراهية أن يبلغ محله.
وعنى بقوله تعالى ذكره: أن يبلغ محله أن يبلغ محل نحره، وذلك دخول الحرم، والموضع الذي إذا صار إليه حل نحره، وكان رسول الله (ص) ساق معه حين خرج إلى مكة في سفرته تلك سبعين بدنة.
24429 - حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، قال: ثني محمد بن إسحاق، عن محمد بن مسلم الزهري، عن عروة بن الزبير، عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم أنهما حدثاه، قالا: خرج رسول الله (ص) عام الحديبية يريد زيارة البيت، لا يريد قتالا، وساق الهدي معه سبعين بدنة وكان الناس سبعمائة رجل، فكانت كل بدنة عن عشرة.
وبنحو الذي قلنا في معنى قوله: هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام، والهدي معكوفا أن يبلغ محله قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
24430 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام والهدي معكوفا: أي محبوسا أن يبلغ محله وأقبل نبي الله (ص) وأصحابه معتمرين في ذي القعدة، ومعهم الهدي، حتى إذا كانوا بالحديبية، صدهم المشركون، فصالحهم نبي (ص) (ص) على أن يرجع من عامه ذلك، ثم يرجع من العام المقبل، فيكون بمكة ثلاث ليال، ولا يدخلها إلا بسلاح الراكب، ولا يخرج بأحد من أهلها، فنحروا الهدي، وحلقوا، وقصروا، حتى إذا كان من العام المقبل، أقبل نبي (ص) وأصحابه حتى دخلوا مكة معتمرين في ذي القعدة، فأقام بها ثلا ث ليال، وكان المشركون قد فجروا عليه حين ردوه، فأقصه الله منهم فأدخله مكة في ذلك الشهر الذي كانوا ردوه فيه، فأنزل الله الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص.