وقوله: وكف أيدي الناس عنكم يقول تعالى ذكره لأهل بيعة الرضوان: وكف الله أيدي المشركين عنكم.
ثم اختلف أهل التأويل في الذين كفت أيديهم عنهم من هم؟ فقال بعضهم: هم اليهود كف الله أيديهم عن عيال الذين ساروا من المدينة مع رسول الله (ص) إلى مكة. ذكر من قال ذلك:
24411 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة وكف أيدي الناس عنكم: عن بيوتهم، وعن عيالهم بالمدينة حين ساروا إلى الحديبية وإلى خيبر، وكانت خيبر في ذلك الوجه.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله:
وكف أيدي الناس عنكم قال: كف أيدي الناس عن عيالهم بالمدينة.
وقال آخرون: بل عنى بذلك أيدي قريش إذ حبسهم الله عنهم، فلم يقدروا له على مكروه.
والذي قاله قتادة في ذلك عندي أشبه بتأويل الآية، وذلك أن كف الله أيدي المشركين من أهل مكة عن أهل الحديبية قد ذكره الله بعد هذه الآية في قوله: وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة فعلم بذلك أن الكف الذي ذكره الله تعالى في قوله:
وكف أيدي الناس عنكم غير الكف الذي ذكر الله بعد هذه الآية في قوله: وهو الذي كف أيديهم عنكم، وأيديكم عنهم ببطن مكة.
وقوله: ولتكون آية للمؤمنين يقول: وليكون كفه تعالى ذكره أيديهم عن عيالهم آية وعبرة للمؤمنين به فيعلموا أن الله هو المتولي حياطتهم وكلاءتهم في مشهدهم ومغيبهم، ويتقوا الله في أنفسهم وأموالهم وأهليهم بالحفظ وحسن الولاية ما كانوا مقيمين على طاعته، منتهين إلى أمره ونهيه. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
24412 - حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ولتكون آية للمؤمنين يقول: وذلك آية للمؤمنين، كف أيدي الناس عن عيالهم ويهديكم صراطا مستقيما يقول: ويسددكم أيها المؤمنون طريقا واضحا لا اعوجاج فيه، فيبينه لكم، وهو