وقال آخرون: بل عني بذلك الحزن الذي ينال الظالم لنفسه في موقف القيامة. ذكر من قال ذلك:
22192 حدثنا ابن بشار، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا سفيان، عن الأعمش، قال: ذكر أبو ثابت أن أبا الدرداء، قال: سمعت رسول الله (ص) يقول: أما الظالم لنفسه، فيصيبه في ذلك المكان من الغم والحزن، فذلك قوله: الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن.
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله تعالى ذكره أخبر عن هؤلاء القوم الذين أكرمهم بما أكرمهم به أنهم قالوا حين دخلوا الجنة الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن وخوف دخول النار من الحزن، والجزع من الموت من الحزن، والجزع من الحاجة إلى المطعم من الحزن، ولم يخصص الله إذ أخبر عنهم أنهم حمدوه على إذهابه الحزن عنهم نوعا دون نوع، بل أخبر عنهم أنهم عموا جميع أنوع الحزن بقولهم ذلك، وكذلك ذلك، لان من دخل الجنة فلا حزن عليه بعد ذلك، فحمدهم على إذهابه عنهم جميع معاني الحزن.
وقوله: إن ربنا لغفور شكور يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل هذه الأصناف الذين أخبر أنه اصطفاهم من عباده عند دخولهم الجنة: إن ربنا لغفور لذنوب عباده الذين تابوا من ذنوبهم، فساترها عليهم بعفوه لهم عنهم، شكور لهم على طاعتهم إياه، وصالح ما قدموا في الدنيا من الأعمال. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
22193 حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة في قوله: إن ربنا لغفور شكور لحسناتهم.
22194 حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يعقوب، عن حفص، عن شمر إن ربنا لغفور شكور غفر لهم ما كان من ذنب، وشكر لهم ما كان منهم. القول في تأويل قوله تعالى:
* (الذي أحلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب) *.
يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل الذين أدخلوا ا لجنة إن ربنا لغفور شكور الذي أحلنا