وقال آخرون: بل كانوا رسلا أرسلهم الله إليهم. ذكر من قال ذلك:
22254 حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، قال: ثنا ابن إسحاق، فيما بلغه، عن ابن عباس، وعن كعب الأحبار، وعن وهب بن منبه، قال: كان بمدينة أنطاكية، فرعون من الفراعنة يقال له أبطيحس بن أبطيحس يعبد الأصنام، صاحب شرك، فبعث الله المرسلين، وهم ثلاثة: صادق، ومصدوق، وسلوم، فقدم إليه وإلى أهل مدينته، منهم اثنان فكذبوهما، ثم عزز الله بثالث فلما دعته الرسل ونادته بأمر الله، وصدعت بالذي أمرت به، وعابت دينه، وما هم عليه، قال لهم: إنا تطيرنا بكم لئن لم تنتهوا لنرجمنكم وليمسنكم منا عذاب أليم.
وقوله: إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث يقول تعالى ذكره: حين أرسلنا إليهم اثنين يدعوانهم إلى الله فكذبوهما فشددناهما بثالث، وقويناهما به. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
22255 حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قول:
فعززنا بثالث قال: شددنا.
22256 حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، عن عنبسة، عن محمد بن عبد الرحمن، عن القاسم بن أبي بزة، عن مجاهد في قوله فعززنا بثالث قال: زدنا.
22257 حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله:
فعززنا بثالث قال: جعلناهم ثلاثة، قال: ذلك التعزز، قال: والتعزز: القوة وقوله: فقالوا إنا إليكم مرسلون يقول: فقال المرسلون الثلاثة لأصحاب القرية:
إنا إليكم أيها القوم مرسلون، بأن تخلصوا العبادة لله وحده، لا شريك له، وتتبرأوا مما تعبدون من الآلهة والأصنام. وبالتشديد في قوله: فعززنا قرأت القراء سوى عاصم، فإنه قرأه بالتخفيف، والقراءة عندنا بالتشديد، لاجماع الحجة من القراء عليه، وأن معناه، إذا شدد: فقوينا، وإذا خفف: فغلبنا، وليس لغلبنا في هذا الموضع كثير معنى. القول في تأويل قوله تعالى:
* (قالوا ما أنتم إلا بشر مثلنا وما أنزل الرحمن من شئ إن أنتم إلا تكذبون ئ قالوا ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون ئ وما علينا إلا البلاغ المبين) *.