قال أبو جعفر: وقد بينا القول فيما مضى في نظائر ذلك من حروف الهجاء بما أغنى عن إعادته وتكريره في هذا الموضع.
وقوله: والقرآن الحكيم يقول: والقرآن المحكم بما فيه من أحكامه، وبينات حججه إنك لمن المرسلين يقول تعالى ذكره مقسما بوحيه وتنزيله لنبيه محمد (ص): إنك يا محمد لمن المرسلين بوحي الله إلى عباده، كما:
22225 حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة والقرآن الحكيم إنك لمن المرسلين قسم كما تسمعون إنك لمن المرسلين على صراط مستقيم.
وقوله: على صراط مستقيم يقول: على طريق لا اعوجاج فيه من الهدى، وهو الاسلام، كما:
22226 حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة على صراط مستقيم: أي على الاسلام.
وفي قوله: على صراط مستقيم وجهان أحدهما: أن يكون معناه: إنك لمن المرسلين على استقامة من الحق، فيكون حينئذ على من قوله على صراط مستقيم من صلة الارسال. والآخر أن يكون خبرا مبتدأ، كأنه قيل: إنك لمن المرسلين، إنك على صراط مستقيم. القول في تأويل قوله تعالى:
* (تنزيل العزيز الرحيم) *.
اختلف القراء في قراءة قوله: تنزيل العزيز الرحيم فقرأته عامة قراء المدينة والبصرة: تنزيل العزيز برفع تنزيل، والرفع في ذلك يتجه من وجهين أحدهما: بأن يجعل خبرا، فيكون معنى الكلام: إنه تنزيل العزيز الرحيم. والآخر: بالابتداء، فيكون معنى الكلام حينئذ: إنك لمن المرسلين، هذا تنزيل العزيز الرحيم. وقرأته عامة قراء الكوفة وبعض أهل الشام: تنزيل نصبا على المصدر من قوله: إنك لمن المرسلين لان الارسال إنما هو عن التنزيل، فكأنه قيل: لمنزل تنزيل العزيز الرحيم حقا.
والصواب من القول في ذلك عندي أنهما قراءتان مشهورتان في قراء الأمصار، متقاربتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب الصواب. ومعنى الكلام: إنك لمن المرسلين يا محمد إرسال الرب العزيز في انتقامه من أهل الكفر به، الرحيم بمن تاب إليه،