يقول تعالى ذكره: يعلم ما يدخل الأرض وما يغيب فيها من شئ من قولهم:
ولجت في كذا: إذا دخلت فيه، كما قال الشاعر:
رأيت القوافي يتلجن موالجا * تضايق عنها أن تولجها الإبر يعني بقوله: يتلجن موالجا: يدخلن مداخل وما يخرج منها يقول: وما يخرج من الأرض وما ينزل من السماء وما يعرج فيها يعني: وما يصعد في السماء وذلك خبر من الله أنه العالم الذي لا يخفى عليه شئ في السماوات والأرض، مما ظهر فيها وما بطن، وهو الرحيم الغفور وهو الرحيم بأهل التوبة من عباده أن يعذبهم بعد توبتهم، الغفور لذنوبهم إذا تابوا منها. القول في تأويل قوله تعالى : * (وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل بلى وربي لتأتينكم عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين) *.
يقول تعالى ذكره: ويستعجلك يا محمد الذين جحدوا قدرة الله على إعادة خلقه بعد فنائهم بهيئتهم التي كانوا بها من قبل فنائهم من قومك بقيام الساعة، استهزاء بوعدك إياهم، وتكذيبا لخبرك، قل لهم: بلى تأتيكم وربي، قسما به لتأتينكم الساعة، ثم عاد جل جلاله بعد ذكره الساعة على نفسه، وتمجيدها، فقال: عالم الغيب.
واختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قراء المدينة: عالم الغيب على مثال فاعل، بالرفع على الاستئناف، إذ دخل بين قوله: وربي، وبين قوله: عالم الغيب كلام حائل بينه وبينه. وقرأ ذلك بعض قراء الكوفة والبصرة، عالم على مثال فاعل، غير أنهم خفضوا عالم ردا منهم له على قوله وربي إذ كان من صفته.
وقرأ ذلك بقية عامة قراء الكوفة: علام الغيب على مثال فعال، وبالخفض ردا لاعرابه على إعراب قوله وربي إذ كان من نعته.
والصواب من القول في ذلك عندنا، أن كل هذه القراءات الثلاث، قراءات مشهورات في قراء الأمصار متقاربات المعاني، فبأيتهن قرأ القارئ فمصيب غير أن