الايمان به واتباعك وتصديقك، فيضله عن الرشاد إلى الحق في ذلك، ويهدي من يشاء يقول: ويوفق من يشاء للايمان به واتباعك، والقبول منك، فتهديه إلى سبيل الرشاد فلا تذهب نفسك عليهم حسرات يقول: فلا تهلك نفسك حزنا على ضلالتهم وكفرهم بالله، وتكذيبهم لك. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
22117 حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء قال قتادة والحسن: الشيطان زين لهم فلا تذهب نفسك عليهم حسرات: أي لا يحزنك ذلك عليهم، فإن الله يضل من يشاء، ويهدي من يشاء.
22118 حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قول الله:
فلا تذهب نفسك عليهم حسرات قال: الحسرات: الحزن، وقرأ قول الله: يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله.
ووقع قوله: فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء موضع الجواب، وإنما هو منبع الجواب، لان الجواب هو المتروك الذي ذكرت، فاكتفى به من الجواب لدلالته على الجواب ومعنى الكلام.
واختلفت القراء في قراءة قوله: فلا تذهب نفسك عليهم حسرات فقرأته قراء الأمصار سوى أبي جعفر المدني فلا تذهب نفسك بفتح التاء من تذهب، ونفسك برفعها. وقرأ ذلك أبو جعفر: فلا تذهب بضم التاء من تذهب، ونفسك بنصبها، بمعنى: لا تذهب أنت يا محمد نفسك.
والصواب من القراءة في ذلك عندنا ما عليه قراء الأمصار، لاجماع الحجة من القراء عليه.
وقوله: إن الله عليم بما يصنعون يقول تعالى ذكره: إن الله يا محمد ذو علم بما يصنع هؤلاء الذين زين لهم الشيطان سوء أعمالهم، وهو محصيه عليهم، ومجازيهم به جزاءهم. القول في تأويل قوله تعالى:
* (والله الذي أرسل الرياح فتثير سحابا فسقناه إلى بلد ميت فأحيينا به الأرض بعد موتها كذلك النشور) *.